فقال له يا نبي الله وكيف ترى في ضالة الإبل فقال مالك ومالها معها سقاؤها وحذاؤها ولا يخاف عليها الذئب تأكل الكلأ وترد الماء دعها حتى يأتي طالبها ففي هذا الحديث أيضا إباحة أخذ الضوال التي قد يخاف عليها الضياع وحبسها له فد ل ذلك على أن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ضالة المسلم أو المؤمن حرق النار وقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يأوي أو يؤوى الضالة إلا ضال إنما أراد بذلك الايواء الذي لا تعريف مع ذلك والاخذ الذي لا تعريف مع ذلك أيضا اللذين هما ضد الحبس على صاحب الضوال حتى يتفق معنى حديثنا هذا ومعنى ذينك الحديثين ولا يتضاد هذا الحديث وذينك الحديثين أيضا وفيما قد بين النبي صلى الله عليه وسلم في الإبل بقوله مالك ومالها معها سقاؤها وحذاؤها ولا يخاف الذئب عليها دليل على أنه لم يطلق له أخذها لعدم الخوف عليها وفي إباحته لاخذ الشاة لخوفه عليها من الذئب دليل على أن الناقة كذلك أيضا إذا خيف عليها من غير الذئب وأن أخذها لصاحبها وحفظها على ربها أولى من تركها وذهابها وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن حكم الضالة كحكم اللقطة في ذلك وهو ما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي العلاء عن عياض بن حماد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سئل عن الضالة فقال عرفها فإن وجدت صاحبها وإلا فهي مال الله ففي هذا الحديث أن تعريفها واجب ومعرفها في حال تعريفه إياها ممسك لها ومؤو إياها لصاحبها ولم يؤمر بترك ذلك فدل هذا أن الامساك المنهي عنه عن ذلك في غير هذا الحديث إنما هو الامساك الذي لم يفعله الممسك لنفسه لا لرب الضالة في ذلك فهذا ما في الضوال من الاحكام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في اللقطة أنه قد أمر بالاشهاد عليها وترك كتمانها مما قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ما قد حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا المعلى بن أسد قال ثنا عبد العزيز بن المختار عن خالد الحذاء عن يزيد بن الشخير عن مطرف بن الشخير عن عياض بن حماد المجاشعي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من التقط لقطة فليشهد عليها ذوي عد ل ولا يكتمها ولا يغيرها فإن جاء ربها وإلا فمال الله يؤتيه من يشاء فلما كان أخذ اللقطة على هذا الوجه مباحا كان كذلك أيضا أخذ الضالة في ذلك وإنما يكره أخذهما جميعا إذا كان يراد منها ضد ذلك ولقد استحب أبي بن كعب أخذ اللقطات وأن لا يترك للسباع
(١٣٦)