بعدهم أن حكم الحاكم لا يحل الباطن ولا يحل حراما فإذا شهد شاهدا زور لإنسان بمال فحكم به الحاكم لم يحل للمحكوم له ذلك، ولو شهدا عليه بقتل لم يحل للولي قتله مع علمه بكذبهما ولا أخذ الدية منه، ولو شهدا أنه طلق امرأته لم يحل لمن علم بكذبهما أن يتزوجها بعد حكم القاضي. بالطلاق وقال أبو حنيفة: يحل حكم الحاكم الفروج دون الأموال، فقد يحل نكاح المذكورة، وهذا مخالف للحديث الصحيح ولإجماع من قبله انتهى.
وقال في معالم السنن: قال أبو حنيفة إذا ادعت المرأة على زوجها الطلاق وشهد لها شاهدان به، فقضى الحاكم بالتفرقة بينهما، وقعت الفرقة فيما بينهما وبين الله عز وجل، وإن كانا شاهدي زور وجاز لكل واحد من الشاهدين أن ينكحها، وخالفه أصحابه في ذلك انتهى.
وقال في السبل: والحديث دليل على أن حكم الحاكم لا يحل به للمحكوم له ما حكم له به على غيره إذا كان ما ادعاه باطلا في نفس الأمر، وما أقامه من الشهادة الكاذبة، وأما الحاكم فيجوز له الحكم بما ظهر له والإلزام به، وتخليص المحكوم عليه لما حكم به لو امتنع وينفذ حكمه ظاهرا، ولكنه لا يحل به الحرام إذا كان المدعي مبطلا وشهادته كاذبة. وإلى هذا ذهب الجمهور، وخالف أبو حنيفة فقال: إنه ينفد ظاهرا وباطنا، وإنه لو حكم الحاكم بشهادة زور أن هذه المرأة زوجة فلان حلت له، واستدل بآثار لا يقوم بها دليل وبقياس لا يقوى على مقاومة النص انتهى. قلت: ولذلك خالفه أصحابه ووافقوا الجمهور.
قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.
(أبو توبة) كنية الربيع (في مواريث لهما) جمع موروث أي تداعيا في أمتعة فقال أحدهما هذه لي ورثتها من مورثي، وقال الآخر كذلك. قاله القاري (إلا دعواهما) إلا هنا بمعنى غير أو الاستثناء منقطع (فذكر مثله) أي مثل الحديث السابق ولفظ المشكاة ((فقال من قضيت له بشئ من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار)) (وقال كل واحد منهما حقي لك) وفي المشكاة فقال الرجلان كل واحد منهما يا رسول الله حقي هذا لصاحبي (فاقتسما) أي