التفضيل بين الأولاد يفسره بالأول، ومن يجوزه على الكراهة يفسره بالثاني (هذا تلجئة) قال في القاموس: التلجئة الإكراه وقال في النهاية: هو تفعلة من الإجاء كأنه قد ألجأك إلى أن تأتي بأمر باطنه خلاف ظاهره وأحوجك إلى أن تفعل فعلا تكرهه انتهى (قال أبو داود في حديث الزهري) وحديثه عند الشيخين (قال بعضهم أكل بنيك وقال بعضهم ولدك) لا منافاة بينهما لأن لفظ الولد يشمل الذكور والإناث، وأما لفظ البنين فإن كانوا ذكورا فظاهر وإن كانوا إناثا وذكورا فعلى سبيل التغليب قاله الحافظ (وقال ابن أبي خالد) هو إسماعيل وحديثه عند مسلم في الفرائض (وقال أبو الضحى) وحديثه عند النسائي.
قال النووي: فيه استحباب التسوية بين الأولاد في الهبة، فلا يفضل بعضهم على بعض سواء كانوا ذكورا أو إناثا. قال بعض أصحابنا: ينبغي أن يكون للذكر مثل حظ الأنثيين، والصحيح الأول لظاهر الحديث، فلو وهب بعضهم دون بعض فمذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة رحمهم الله أنه مكروه وليس بحرام والهبة صحيحة. وقال أحمد والثوري وإسحاق رحمهم الله وغيرهم هو حرام واحتجوا بقوله: ((لا أشهد على جور)) وبقوله: ((واعدلوا بين أولادكم)) واحتج الأولون بما جاء في رواية ((فأشهد على هذا غيري)) ولو كان حراما أو باطلا لما قال هذا، وبقوله: ((فأرجعه)) ولو لم يكن نافذا لما احتاج إلى الرجوع. فإن قيل قاله تهديدا، قلنا الأصل خلافه، ويحمل عند الإطلاق صيغة أفعل على الوجوب أو الندب، وإن تعذر ذلك فعلى الإباحة. وأما معنى الجور فليس فيه أنه حرام لأنه هو الميل عن الاستواء والاعتدال، وكل ما خرج عن الاعتدال فهو جور سواء كان حراما أو مكروها ذكره في المرقاة.
قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم، وقال الترمذي والنسائي وابن ماجة من حديث حميد بن عبد الرحمن بن عوف ومحمد بن النعمان بن بشير عن النعمان بن بشير.