يرى من كثرة لبنها. وأصل التصرية حبس الماء يقال منه صريت الماء إذا حبسته. قال أبو عبيدة وأكثر أهل اللغة: التصرية حبس اللبن في الضرع حتى يجتمع (فمن ابتاعها) أي اشترى الإبل أو الغنم المصراة (بعد ذلك) أي بعد ما ذكر من التصرية (فهو بخير النظرين) أي الرأيين من الإمساك والرد (بعد أن يحلبها) بضم اللام (أمسكها) أي على ملكه (وإن سخطها) بكسر المعجمة أي كرهها (وصاعا من تمر) أي مع صاع من تمر. وقد أخذ بظاهر الحديث الجمهور.
قال في الفتح: وأفتى به ابن مسعود وأبو هريرة ولا مخالف لهما في الصحابة، وقال به من التابعين ومن بعدهم من لا يحصى عدده، ولم يفرقوا بين أن يكون اللبن الذي احتلب قليلا كان أو كثيرا ولا بين أن يكون التمر قوت تلك البلد أم لا، وخالف في أصل المسألة أكثر الحنفية وفي فروعها آخرون انتهى. وقد اعتذر الحنفية عن حديث المصراة بأعذار بسطها الحافظ في الفتح وأجاب عن كل منها. قلت: أخذ الحنفية في هذه المسألة بالقياس، وأنت تعلم أن القياس في مقابلة النص فاسد الاعتبار فلا يعتبر به والله أعلم. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم.
(وصاعا من طعام لا سمراء) وفي رواية لمسلم وغيره ((صاعا من تمر لا سمراء)) قال في النيل: وينبغي أن يحمل الطعام على التمر المذكور في أكثر الروايات، ثم لما كان المتبادر من لفظ الطعام القمح نفاه بقوله لا سمراء انتهى محصلا. قال النووي: السمراء بالسين المهملة هي الحنطة انتهى. قال المنذري: وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.
(ففي حلبتها) بسكون اللام (صاع من تمر) ظاهره أن الصاع في مقابلة المصراة سواء كانت واحدة أو أكثر لقوله ((من اشترى غنما)) لأنه اسم مؤنث موضوع للجنس. ثم قال ((ففي