بعد ذلك العقد الذي كان بينهما (حضر) وآن وقت (الرحيل) للجيش (قام) أي صاحب الفرس (يسرجه) من الإفعال أي ليضع السرج على فرسه للركوب (فندم) صاحب الفرس على فعله وهو آخذ الغلام عوض الفرس (فأتى) أي صاحب الفرس نادما (الرجل) مفعول أتى أي صاحب الغلام (وأخذه بالبيع) الضمير المرفوع لصاحب الفرس والضمير المنصوب لصاحب الغلام، أي أخذ صاحب الفرس صاحب الغلام لفسخ البيع ولرد مبيعه (فأبى الرجل) أي أنكر صاحب الغلام (أن يدفعه) الضمير المنصوب إلى الفرس أي يدفع الرجل فرسا (إليه) أي إلى صاحب الفرس (ما أراكما) ما نافية (افترقتما) من مكان البيع وموضعه بل أنتما تقيمان فيه فكيف لا تردان المبيع. وفيه دليل على أن أبا برزة كان يرى التفرق بالأبدان.
وفيه أن أبا برزة وسع في المجلس ولا يتم التفرق بالأبدان عنده حتى يتفرقا جميعا من ذلك الموضع ويتركاه، لأن أبا الوضئ قال ثم أقاما بقية يومهما وليلتهما ومع ذلك قال أبو برزة ما أراكما افترقتما. ومن المعلوم أن واحدا منهما أو كلاهما لا بد لهما أن يتفرقا لقضاء حاجتهما من أكل وشرب ونوم وبول وغائط وغيرها نعم لم يتفرقا من موضع قيامهما تفرق الخروج والانتشار إلا من الغد، لكن الحديث في سنن الترمذي بلفظ آخر وهذه عبارته روي عن أبي برزة الأسلمي ((أن رجلين اختصما إليه في فرس بعد ما تبايعا فكانوا في سفينة فقال لا أراكما افترقتما وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار ما لم يتفرقا)) والله أعلم. قال الحافظ ابن حجر:
فأبو برزة الصحابي حمل قوله صلى الله عليه وسلم ما لم يتفرقا على التفرق بالأبدان، وكذلك حمله ابن عمر عليه ولا يعلم لهما مخالف من الصحابة انتهى.
وفي صحيح البخاري: وبه قال ابن عمر وشريح والشعبي وطاوس وعطاء وابن أبي مليكة انتهى.
ونقل ابن المنذر القول به أيضا عن سعيد بن المسيب والزهري وابن أبي ذئب من أهل