دنئ الاكتساب وللحث على مكارم الأخلاق ومعالي الأمور، ولو كان حراما لم يفرق فيه بين الحر والعبد، فإنه لا يجوز للسيد أن يطعم عبده ما لا يحل (فلم يزل يسأله ويستأذنه) أي في أن يرخص له في أكلها، فإن أكثر الصحابة كانت لهم أرقاء كثيرون وأنهم كانوا يأكلون من خراجهم ويعدون ذلك من أطيب المكاسب، فلما سمع محيصة نهيه ذلك وشق ذلك عليه لاحتياجه إلى أكل أجرة الحجامة تكرر في أن يرخص له ذلك كذا في المرقاة (أعلفه) أي أطعمه قال في القاموس: العلف كالضرب الشرب الكثير، وإطعام الدابة كالاعلاف بكر (ناضحك) هو الجمل الذي يسقي به الماء (ورقيقك) أي عبدك، لأن هذين ليس لهما شرف ينافيه دناءة هذا الكسب بخلاف الحر.
والحديث دليل على أن أجرة الحجام حلال للعبد دون الحر، وإليه ذهب أحمد وجماعة فقالوا بالفرق بين الحر والعبد فكرهوا للحر الاحتراف بالحجامة وقالوا يحرم عليه الانفاق على نفسه منها ويجوز له الانفاق على الرقيق والدواب منها، وأباحوها للعبد مطلقا، وعمدتهم حديث محيصة هذا.
قال المنذري: وأخرجه الترمذي وابن ماجة، وقال الترمذي حديث حسن. وقال ابن ماجة: حرام بن محيصة عن أبيه. هذا آخر كلامه، وهو أبو سعيد ويقال أبو سعيد حرام بن سعد ابن محيصة الأنصاري الحارثي المدني، ويقال حرام بن محيصة ينسب إلى الجد، ويقال حرام بن ساعدة وهو بالحاء والراء المهملتين انتهى كلام المنذري (ولو علمه) أي النبي صلى الله عليه وسلم أجر الحجام (خبيثا) أي حراما (لم يعطه) أي الحجام أجره، وهو نص في إباحته، وإليه ذهب الجمهور كما تقدم. قال المنذري: وأخرجه البخاري.
(حجم أبو طيبة) بفتح الطاء المهملة وسكون التحتية بعدها موحدة واسمه نافع (وأمر