هو صيرورته إلى الصفة التي يطلب فيها غالبا ومقتضاه جوازه وصحته بعد بدوه ولو بغير شرط القطع بأن يطلق أو يشترط إبقاءه أو قطعه والمعنى الفارق بينهما أمن العاهة بعده غالبا وقبله تسرع إليه لضعفه (نهى البائع) أي لئلا يأكل مال أخيه بالباطل (والمشتري) أي لئلا يضيع ماله.
وإلى الفرق بين ما قبل ظهور الصلاح وبعده ذهب الجمهور. وصحح أبو حنيفة رحمه الله البيع حالة الإطلاق قبل بدو الصلاح وبعده وأبطله بشرط الإبقاء قبله وبعده، كذا صرح به أهل مذهبه خلافا لما نقله عنه النووي في شرح مسلم. وبدو الصلاح في شجرة ولو في حبة واحدة يستتبع الكل إذا اتحد البستان والعقد والجنس، فيتبع ما لم يبد صلاحه ما بدا صلاحه إذا اتحد فيهما الثلاثة واكتفى ببدو صلاح بعضه، لأن الله تعالى أمتن علينا فجعل الثمار لا تطيب دفعة واحدة إطالة لزمن التفكه فلو اعتبرنا في البيع طيب الجميع لأدى إلى أن لا يباع شئ قبل كمال صلاحه أو تباع الحبة بعد الحبة وفي كل منهما حرج لا يخفى. ويجوز البيع قبل الصلاح بشرط القطع إذا كان المقطوع منتفعا به كالحصرم إجماعا ذكره القسطلاني في شرح البخاري.
قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة.
(نهى عن بيع النخل) أي ما عليه من الثمر (حتى تزهو) بالتأنيث لأن النخل يؤنث ويذكر.
قال تعالى: (نخل خاوية) و (نخل منقعر) قال الخطابي: قوله (حتى تزهو) هكذا يروى، والصواب في العربية حتى تزهى، والإزهاء في الثمر أن يحمر أو يصفر، وذلك أمارة الصلاح فيها ودليل خلاصها من الآفة انتهى.
وقال ابن الأثير: ومنهم من أنكر تزهى ومنهم من أنكر تزهو، والصواب الروايتان على اللغتين، زها النخل يزهو إذا ظهرت ثمرته وأزهى يزهى إذا احمر أو اصفر. ذكره القسطلاني.
قلت: والصواب ما قال ابن الأثير، ففي القاموس زها النخل طال كأزهى والبسر تلون كأزهى وزهي، وذكر النخل في هذه الطريق لكونه الغالب عندهم، وأطلق في غيرها فلا فرق بين النخل وغيره في الحكم (وعن السنبل) بضم السين وسكون النون وضم الباء الموحدة سنابل الزرع (حتى يبيض) بتشديد المعجمة.
قال النووي: معناه يشتد حبه وذلك بدو صلاحه (ويأمن العاهة) هي الآفة تصيبه فيفسد.
قال المنذري: وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي.