كطلوع الشمس من مغربها ففيه وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن ترحل الناس وفي رواية له تطرد الناس إلى حشرهم (قوله تقيل معهم حيث قالوا الخ) فيه إشارة إلى ملازمة النار لهم إلى أن يصلوا إلى مكان الحشر وهذه الطريقة الثالثة قال الخطابي هذا الحشر يكون قبل قيام الساعة تحشر الناس أحياء إلى الشام وأما الحشر من القبور إلى الموقف فهو على خلاف هذه الصورة من الركوب على الإبل والتعاقب عليها وإنما هو على ما ورد في حديث ابن عباس في الباب حفاة عراة مشاة قال وقوله واثنان على بعير وثلاثة على بعير الخ يريد أنهم يعتقبون البعير الواحد يركب بعض ويمشي بعض (قلت) وإنما لم يذكر الخمسة والستة إلى العشرة ايجازا واكتفاء بما ذكر من الاعداد مع أن الاعتقاب ليس مجزوما به ولا مانع أن يجعل الله في البعير ما يقوى به على حمل العشرة ومال الحليمي إلى أن هذا الحشر يكون عند الخروج من القبور وجزم به الغزالي وقال الإسماعيلي ظاهر حديث أبي هريرة يخالف حديث ابن عباس المذكور بعد أنهم يحشرون حفاة عراة مشاة قال ويجمع بينهما بأن الحشر يعبر به عن النشر لاتصاله به وهو إخراج الخلق من القبور حفاة عراة فيساقون ويجمعون إلى الموقف للحساب فحينئذ يحشر المتقون ركبانا على الإبل وجمع غيره بأنهم يخرجون من القبور بالوصف الذي في حديث ابن عباس ثم يفترق حالهم من ثم إلى الموقف على ما في حديث أبي هريرة ويؤيده ما أخرجه أحمد والنسائي والبيهقي من حديث أبي ذر حدثني الصادق المصدوق أن الناس يحشرون يوم القيامة على ثلاثة أفواج فوج طاعمين كاسين راكبين وفوج يمشون وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم الحديث وصوب عياض ما ذهب إليه الخطابي وقواه بحديث حذيفة بن أسيد وبقوله في آخر حديث الباب تقيل معهم وتبيت وتصبح وتمسي فان هذه الأوصاف مختصة بالدنيا وقال بعض شراح المصابيح حمله على الحشر من القبور أقوى من أوجه أحدها أن الحشر إذا أطلق في عرف الشرع انما يراد به الحشر من القبور ما لم يخصه دليل ثانيها أن هذا التقسيم المذكور في الخبر لا يستقيم في الحشر إلى أرض الشام لان المهاجر لا بد أن يكون رغبا أو راهبا أو جامعا بين الصفتين فأما أن يكون راغبا راهبا فقط وتكون هذه طريقة واحدة لا ثاني لها من جنسها فلا ثالثها حشر البقية على ما ذكر والجاء النار لهم إلى تلك الجهة وملازمتها حتى لا تفارقهم قول لم يرد به التوقيف وليس لنا أن نحكم بتسليط النار في الدنيا على أهل الشقوة من غير توقيف رابعها أن الحديث يفسر بعضه بعضا وقد وقع في الحسان من حديث أبي هريرة وأخرجه البيهقي من وجه آخر عن علي بن زيد عن أوس بن أبي أوس عن أبي هريرة بلفظ ثلاثا على الدواب وثلاثا ينسلون على أقدامهم وثلاثا على وجوههم قال ونرى أن هذا التقسيم الذي وقع في هذا الحديث نظير التقسيم الذي وقع في تفسير الواقعة في قوله تعالى وكنتم أزواجا ثلاثة الآيات فقوله في الحديث راغبين راهبين يريد به عوام المؤمنين وهم من خلط عملا صالحا وآخر سيأ فيترددون بين الخوف والرجاء يخافون عاقبة سيآتهم ويرجون رحمة الله بايمانهم وهؤلاء أصحاب الميمنة وقوله واثنان على بعير الخ يريد به السابقين وهم أفاضل المؤمنين يحشرون ركبانا وقوله وتحشر بقيتهم النار يريد به أصحاب المشأمة وركوب السابقين في الحديث يحتمل الحمل دفعة واحدة تنبيها على أن البعير المذكور يكون من بدائع فطرة الله تعالى حتى يقوى على ما لا يقوى عليه غيره من
(٣٢٧)