فتنته أعظم الفتن الكائنة في الدنيا وقد ورد ذلك صريحا في حديث أبي أمامة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفيه أنه لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال أخرجه أبو داود وابن ماجة (قوله باب التعوذ من أرذل العمر أراذلنا سقاطنا) بضم المهملة وتشديد القاف جمع ساقط وهو اللئيم في حسبه ونسبه وهذا قد تقدم القول فيه في أوائل تفسير سورة هود وأورد فيه حديث أنس وليس فيه لفظ الترجمة لكنه أشار بذلك إلى أن المراد بأرذل العمر في حديث سعد بن أبي وقاص الذي قبله الهرم الذي في حديث أنس لمجيئها موضع الأخرى من الحديث المذكور (قوله باب الدعاء برفع الوباء والوجع) أي برفع المرض عمن نزل به سواء كان عاما أو خاصا وقد تقدم بيان الوباء وتفسيره في باب ما يذكر في الطاعون من كتاب الطب وأنه أعم من الطاعون وأن حقيقته مرض عام ينشأ عن فساد الهواء وقد يسمى طاعونا بطريق المجاز وأوضحت هناك الرد على من زعم أن الطاعون والوباء مترادفان بما ثبت هناك ان الطاعون لا يدخل المدينة وأن الوباء وقع بالمدينة كما في قصة العرنيين وكما في حديث أبي الأسود أنه كان عند عمر فوقع بالمدينة بالناس موت ذريع وغير ذلك وذكر المصنف في الباب حديثين * أحدهما حديث عائشة اللهم حبب إلينا المدينة الحديث وفيه انقل حماها إلى الجحفة وهو يتعلق بالركن الأول من الترجمة وهو الوباء لأنه المرض العام وأشار به إلى ما ورد في بعض طرقه حيث قالت في أوله قدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله وقد تقدم بهذا اللفظ في آخر كتاب الحج * ثانيهما حديث سعد بن أبي وقاص عادني النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع من شكوى الحديث وهو متعلق بالركن الثاني من الترجمة وهو الوجع وقد تقدم شرح الحديث مستوفى في كتاب الوصايا وقوله في آخره قال سعد رثى له رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ يرد قول من زعم أن في الحديث ادراجا وأن قوله يرثى له الخ من قول الزهري متمسكا بما ورد في بعض طرقه وفيه قال الزهري الخ فان ذلك يرجع إلى اختلاف الرواة عن الزهري هل وصل هذا القدر عن سعدا و قال من قبل نفسه والحكم للوصل لان مع رواته زيادة علم وهو حافظ وشاهد الترجمة من قوله صلى الله عليه وسلم اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على اعقابهم فان فيه إشارة إلى الدعاء لسعد بالعافية ليرجع إلى دار هجرته وهي المدينة ولا يستمر مقيما بسبب الوجع بالبلد التي هاجر منها وهي مكة إلى ذلك الإشارة بقوله لكن البائس سعد بن خولة الخ وقد أوضحت في أوائل الوصايا ما يتعلق بسعد بن خولة ونقل ابن المزين المالكي ان الرثاء لسعد بن خولة بسبب اقامته بمكة ولم يهاجر وتعقب بأنه شهد بدرا ولكن اختلفوا متى رجع إلى مكة حتى مرض بها فمات فقيل إنه سكن مكة بعد أن شهد بدرا وقيل مات في حجة الوداع وأغرب الداودي فيما حكاه عنه ابن التين فقال لم يكن للمهاجرين أن يقيموا بمكة الا ثلاثا بعد الصدر فدل ذلك أن سعد بن خولة توفي قبل تلك الحجة وقيل مات في الفتح بعد أن أطال المقام بمكة بغير عذر إذ لو كان له عذر لم يأثم وقد قال صلى الله عليه وسلم حين قيل له ان
(١٥٣)