واجتنب المنهيات لا يعد بخيلا (تنبيه) قال ابن المنير مناسبة أحاديث الباب لترجمة الوفاء بالنذر قوله يستخرج به من البخيل وانما يخرج البخيل ما تعين عليه إذ لو أخرج ما يتبرع به لكان جوادا وقال الكرماني يؤخذ معنى الترجمة من لفظ يستخرج (قلت) ويحتمل أن يكون البخاري أشار إلى تخصيص النذر المنهي عنه بنذر المعاوضة واللجاج بدليل الآية فإن الثناء الذي تضمنته محمول على نذر القربة كما تقدم أول الباب فيجمع بين الآية والحديث بتخصيص كل منهما بصورة من صور النذر والله أعلم (قوله باب اثم من لا يفي بالنذر) كذا لأبي ذر وسقط لغيره لفظ اثم ذكر فيه حديث عمران بن حصين في خير القرون وفي سنده أبو جمرة وهو بالجيم والراء واسمه نصر بن عمران وزهدم بمعجمة أوله وزن جعفر بن مضرب بضم الميم وفتح المعجمة وتشديد الراء المكسورة بعدها موحدة وقد تقدم شرحه مستوفى في الشهادات وفي فضائل الصحابة والغرض منه هنا قوله ينذرون بكسر الذال وبضمها لغتان (قوله ولا يفون) في رواية الكشميهني ولا يوفون وهي رواية مسلم وفي أخرى له كالأولى وهما لغتان أيضا (قوله ولا يؤتمنون) أي انها خيانة ظاهرة بحيث لا يأمنهم أحد بعد ذلك قال ابن بطال ما ملخصه سوى بين من يخون أمانته ومن لا يفي بنذره والخيانة مذمومة فيكون ترك الوفاء بالنذر مذموما وبهذا تظهر المناسبة للترجمة وقال الباجي ساق ما وصفهم به مساق العيب والجائز لا يعاب فدل على أنه غير جائز (قوله باب النذر في الطاعة) أي حكمه ويحتمل أن يكون باب بالتنوين ويريد بقوله النذر في الطاعة حصر المبتدا في الخبر فلا يكون نذر المعصية نذرا شرعا (قوله وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر) ساق غير أبي ذر إلى قوله من أنصار وذكر هذه الآية مشيرا إلى أن الذي وقع الثناء على فاعله نذر الطاعة وهو يؤيد ما تقدم قريبا (قوله عن طلحة بن عبد الملك) هو الأيلي بفتح الهمزة وسكون المثناة من تحت نزيل المدينة ثقة عندهم من طبقة ابن جريج والقاسم هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق وذكر ابن عبد البر عن قوم من أهل الحديث ان طلحة تفرد برواية هذا الحديث عن القاسم وليس كذلك فقد تابعه أيوب ويحيى بن أبي كثير عند ابن حبان وأشار الترمذي إلى رواية يحيى ومحمد بن أبان عند ابن عبد البر وعبيد الله بن عمر عند الطحاوي ولكن أخرجه الترمذي من رواية عبيد الله بن عمر عن طلحة عن القاسم وأخرجه البزار من رواية يحيى بن أبي كثير عن محمد ابن أبان فرجعت رواية عبيد الله إلى طلحة ورواية يحيى إلى محمد بن أبان وسلمت رواية أيوب من الاختلاف وهي كافية في رد دعوى انفراد طلحة به وقد رواه أيضا عبد الرحمن بن المجبر بضم الميم وفتح الجيم وتشديد الموحدة عن القاسم أخرجه الطحاوي (قوله من نذر أن يطيع الله فليطعه الخ) الطاعة أعم من أن تكون في واجب أو مستحب ويتصور النذر في فعل الواجب بأن يؤقته كمن ينذر ان يصلى الصلاة في أول وقتها فيجب عليه ذلك بقدر ما أقته وأما المستحب من جميع العبادات المالية والبدنية فينقلب بالنذر واجبا ويتقيد بما قيده به الناذر والخبر صريح في الامر بوفاء النذر إذا كان في طاعة وفي النهي عن ترك الوفاء به إذا كان في معصية وهل يجب في الثاني كفارة يمين أولا قولان للعلماء سيأتي بيانهما بعد بابين ويأتي أيضا بيان الحكم فيما سكت عنه الحديث وهو نذر المباح وقد قسم بعض الشافعية الطاعة إلى قسمين واجب عينا فلا ينعقد به النذر كصلاة الظهر مثلا وصفة فيه فينعقد كايقاعها أول الوقت وواجب على الكفاية كالجهاد
(٥٠٤)