الاستثناء (قوله فقال أبو هريرة) هو موصول بالسند المذكور أولا (قوله يرويه) هو كناية عن رفع الحديث وهو كما لو قال مثلا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وقع في رواية الحميدي التصريح بذلك ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا أخرجه مسلم عن ابن أبي عمر عن سفيان (قوله لو قال إن شاء الله لم يحنث) تقدم المراد بمعنى الحنث وقد قيل هو خاص بسليمان عليه السلام وأنه لو قال في هذه الواقعة إن شاء الله حصل مقصوده وليس المراد ان كل من قالها وقع ما أراد ويؤيد ذلك ان موسى عليه السلام قالها عندما وعد الخضر انه يصبر عما يراه منه ولا يسأله عنه ومع ذلك فلم يصبر كما أشار إلى ذلك في الحديث الصحيح رحم الله موسى لوددنا لو صبر حتى يقص الله علينا من أمرهما وقد مضى ذلك مبسوطا في تفسير سورة طه وقد قالها الذبيح فوقع ما ذكر في قوله عليه السلام ستجدني إن شاء الله من الصابرين فصبر حتى فداه الله بالذبح وقد سئل بعضهم عن الفرق بين الكليم والذبيح في ذلك فأشار إلى أن الذبيح بالغ في التواضع في قوله من الصابرين حيث جعل نفسه واحدا من جماعة فرزقه الله الصبر (قلت) وقد وقع لموسى عليه السلام أيضا نظير ذلك مع شعيب حيث قال له ستجدني إن شاء الله من الصالحين فرزقه الله ذلك (قوله وكان دركا) بفتح المهملة والراء أي لحاقا يقال أدركه ادراكا ودركان وهو تأكيد لقوله لم يحنث (قوله قال وحدثنا أبو الزناد) القائل هو سفيان بن عيينة وقد أفصح به مسلم في روايته وهو موصول بالسند الأول أيضا وفرقه أبو نعيم في المستخرج من طريق الحميدي عن سفيان بهما (قوله مثل حديث أبي هريرة) أي الذي ساقه من طريق طاوس عنه والحاصل ان لسفيان فيه سندين إلى أبي هريرة هشام عن طاوس وأبو الزناد عن الأعرج ووقع في رواية مسلم بدل قوله مثل حديث أبي هريرة بلفظ عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله أو نحوه ويستفاد منه نفي احتمال الارسال في سياق البخاري لكونه اقتصر على قوله عن الأعرج مثل حديث أبي هريرة ويستفاد منه أيضا احتمال المغايرة بين الروايتين في السياق لقوله مثله أو نحوه وهو كذلك فبين الروايتين مغايرة في مواضع تقدم بيانها عند شرحه في أحاديث الأنبياء وبالله التوفيق (قوله باب الكفارة قبل الحنث وبعده) ذكر فيه حديث أبي موسى في قصة سؤالهم الحملان وفيه الا أتيت الذي هو خير وتحللتها وقد مضى في الباب الذي قبله بلفظ الا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير وحديث عبد الرحمن بن سمرة في النهي عن سؤال الامارة وفيه وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فائت الذي هو خير وكفر عن يمينك قال ابن المنذر رأى ربيعة والأوزاعي ومالك والليث وسائر فقهاء الأمصار غير أهل الرأي ان الكفارة تجزئ قبل الحنث الا ان الشافعي استثنى الصيام فقال لا يجزئ الا بعد الحنث وقال أصحاب الرأي لا تجزئ الكفارة قبل الحنث (قلت) ونقل الباجي عن مالك وغيره روايتين واستثنى بعضهم عن مالك الصدقة والعتق ووافق الحنفية أشهب من المالكية وداود الظاهري وخالفه ابن حزم واحتج لهم الطحاوي بقوله تعالى ذلك كفارة ايمانكم إذا حلفتم فإذا المراد إذا حلفتم فحنثتم ورده مخالفوه فقالوا بل التقدير فأردتم الحنث وأولى من ذلك أن يقال التقدير أعم من ذلك فليس أحد التقديرين بأولى من الاخر واحتجوا أيضا بأن ظاهر الآية ان الكفارة وجبت بنفس اليمين ورده من أجاز بأنها لو كانت بنفس اليمين لم تسقط عمن لم يحنث اتفاقا واحتجوا أيضا
(٥٢٦)