فينعقد ومندوب عبادة عينا كان أو كفاية فينعقد ومندوب لا يسمى عبادة كعيادة المريض وزيارة القادم ففي انعقاده وجهان والأرجح انعقاده وهو قول الجمهور والحديث يتناوله فلا يخص من عموم الخبر الا القسم الأول لأنه تحصيل الحاصل (قوله باب إذا نذر أو حلف أن لا يكلم انسانا في الجاهلية ثم أسلم) أي هل يجب عليه الوفاء أولا والمراد بالجاهلية جاهلية المذكور وهو حاله قبل إسلامه وأصل الجاهلية ما قبل البعثة وقد ترجم الطحاوي لهذه المسئلة من نذر وهو مشرك ثم أسلم فأوضح المراد وذكر فيه حديث ابن عمر في نذر عمر في الجاهلية أنه يعتكف فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أوف بنذرك قال ابن بطال قاس البخاري اليمين على النذر وترك الكلام على الاعتكاف فمن نذر أو حلف قبل أن يسلم على شئ يجب الوفاء به لو كان مسلما فإنه إذا أسلم يجب عليه على ظاهر قصة عمر قال وبه يقول الشافعي وأبو ثور كذا قال وكذا نقله ابن حزم عن الإمام الشافعي والمشهور عند الشافعية انه وجه لبعضهم وان الشافعي وجل أصحابه على أنه لا يجب بل يستحب وكذا قال المالكية والحنفية وعن أحمد في رواية يجب وبه جزم الطبري والمغيرة بن عبد الرحمن من المالكية والبخاري وداود وأتباعه (قلت) إن وجد عن البخاري التصريح بالوجوب قبل والا فمجرد ترجمته لا يدل على أنه يقول بوجوبه لأنه محتمل لان يقول بالندب فيكون تقدير جواب الاستفهام يندب له ذلك قال القابسي لم يأمر عمر على جهة الايجاب بل على جهة المشورة كذا قال وقيل أراد أن يعلمهم ان الوفاء بالنذر من آكد الأمور فغلظ أمره بأن أمر عمر بالوفاء واحتج الطحاوي بأن الذي يجب الوفاء به ما يتقرب به إلى الله والكافر لا يصح منه التقرب بالعبادة وأجاب عن قصة عمر باحتمال أنه صلى الله عليه وسلم فهم من عمر أنه سمح بأن يفعل ما كان نذره فأمره به لان فعله حينئذ طاعة لله تعالى فكان ذلك خلاف ما أوجبه على نفسه لان الاسلام يهدم أمر الجاهلية قال ابن دقيق العيد ظاهر الحديث يخالف هذا فان دل دليل أقوى منه على أنه لا يصح من الكافر قوى هذا التأويل والا فلا (قوله عبد الله) هو ابن المبارك (قوله عبيد الله بن عمر) هو العمري ولعبد الله بن المبارك فيه شيخ آخر تقدم في غزوة حنين فأخرجه عن محمد بن مقاتل عن عبد الله بن المبارك عن معمر عن أيوب عن نافع وأول حديثه لما قفلنا من حنين سأل عمر فذكر الحديث فأفاد تعيين زمان السؤال المذكور وقد بينت الاختلاف على نافع ثم على أيوب في وصله وارساله هناك وكذا ذكرت فيه فوائد زوائد تتعلق بسياقه وكذلك في فرض الخمس وتقدم في أبواب الاعتكاف ما يتعلق به وذكرت هناك ما يرد على من زعم أن عمر انما نذر بعد أن أسلم وعلى من زعم أن اعتكاف عمر كان قبل النهي عن الصيام في الليل وبقي هنا ما يتعلق بالنذر إذا صدر من شخص قبل أن يسلم ثم أسلم هل يلزمه وقد ذكرت ما فيه وقوله أوف بنذرك لم يذكر في هذا الرواية متى اعتكف وقد تقدم في غزوة حنين التصريح بأن سؤاله كان بعد قسم النبي صلى الله عليه وسلم غنائم حنين بالطائف وتقدم في فرض الخمس ان في رواية سفيان بن عيينة عن أيوب من الزيادة قال عمر فلم أعتكف حتى كان بعد حنين وكان النبي صلى الله عليه وسلم أعطاني جارية من السبي فبينا أنا معتكف إذ سمعت تكبيرا فذكر الحديث في من النبي صلى الله عليه وسلم على هوازن باطلاق سبيهم وفي الحديث لزوم النذر للقربة من كل أحد حتى قبل الاسلام وقد تقدمت الإشارة إليه وأجاب ابن العربي بأن عمر لما نذر في الجاهلية ثم أسلم أراد أن يكفر ذلك بمثله
(٥٠٥)