في الاسلام فلما أراده ونواه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فأعلمه أنه لزمه قال وكل عبادة ينفرد بها العبد عن غيره تنعقد بمجرد النية العازمة الدائمة كالنذر في العبادة والطلاق في الاحكام وان لم يتلفظ بشئ من ذلك كذا قال ولم يوافق على ذلك بل نقل بعض المالكية الاتفاق على أن العبادة لا تلزم الا بالنية مع القول أو الشروع وعلى التنزل فظاهر كلام عمر مجرد الاخبار بما وقع مع الاستخبار عن حكمه هل لزم أولا وليس فيه ما يدل على ما ادعاه من تجديد نية منه في الاسلام وقال الباجي قصة عمر هي كمن نذر أن يتصدق بكذا ان قدم فلان بعد شهر فمات فلان قبل قدومه فإنه لا يلزم الناذر قضاؤه فان فعله فحسن فلما نذر عمر قبل أن يسلم وسأل النبي صلى الله عليه وسلم أمره بوفائه استحبابا وإن كان لا يلزمه لأنه التزمه في حالة لا ينعقد فيها ونقل شيخنا في شرح الترمذي أنه استدل به على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وإن كان لا يصح منهم الا بعد أن يسلموا لأمر عمر بوفاء ما التزمه في الشرك ونقل انه لا يصح الاستدلال به لان الواجب بأصل الشرع كالصلاة لا يجب عليهم قضاؤها فكيف يكلفون بقضاء ما ليس واجبا بأصل الشرع قال ويمكن أن يجاب بأن الواجب بأصل الشرع مؤقت بوقت وقد خرج قبل أن يسلم الكافر ففات وقت أدائه فلم يؤمر بقضائه لان الاسلام يجب ما قبله فاما إذا لم يؤقت نذره فلم يتعين له وقت حتى أسلم فايقاعه له بعد الاسلام يكون أداء لاتساع ذلك باتساع العمر (قلت) وهذا البحث يقوي ما ذهب إليه أبو ثور ومن قال بقوله وان ثبت النقل عن الشافعي بذلك فلعله كان يقوله أولا فأخذه عنه أبو ثور ويمكن أن يؤخذ من الفرق المذكور وجوب الحج على من أسلم لاتساع وقته بخلاف ما فات وقته والله أعلم (تنبيه) المراد بقول عمر في الجاهلية قبل إسلامه لان جاهلية كل أحد بحسبه ووهم من قال الجاهلية في كلامه زمن فترة النبوة والمراد بها هنا ما قبل بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم فان هذا يتوقف على نقل وقد تقدم انه نذر قبل أن يسلم وبين البعثة واسلامه مدة (قوله باب من مات وعليه نذر) أي هل يقضى عنه أولا والذي ذكره في الباب يقتضي الأول لكن هل هو على سبيل الوجوب أو الندب خلاف يأتي بيانه (قوله وأمر ابن عمر امرأة جعلت أمها على نفسها صلاة بقباء) يعني فماتت (فقال صلى عنها وقال ابن عباس نحوه) وصله مالك عن عبد الله بن أبي بكر أي ابن محمد بن عمرو بن حزم عن عمته أنها حدثته عن جدته انها كانت جعلت على نفسها مشيا إلى مسجد قباء فماتت ولم تقضه فأفتى عبد الله بن عباس ابنتها أن تمشي عنها وأخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال مرة عن ابن عباس قال إذا مات وعليه نذر قضى عنه وليه ومن طريق عون بن عبد الله بن عتبة ان امرأة نذرت أن تعتكف عشرة أيام فماتت ولم تعتكف فقال ابن عباس اعتكف عن أمك وجاء عن ابن عمر وابن عباس خلاف ذلك فقال مالك في الموطأ انه بلغه ان عبد الله بن عمر كان يقول لا يصلى أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد وأخرج النسائي من طريق أيوب بن موسى عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال لا يصلى أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد أورده ابن عبد البر من طريقه موقوفا ثم قال والنقل في هذا عن ابن عباس مضطرب (قلت) ويمكن الجمع بحمل الاثبات في حق من مات والنفي في حق الحي ثم وجدت عنه ما يدل على تخصيصه في حق الميت بما إذا مات وعليه شئ واجب فعند ابن أبي شيبة بسند صحيح سئل ابن عباس عن رجل مات وعليه نذر فقال يصام عنه
(٥٠٦)