يوضع في الحفرة بعد ايقاد النار فيها قال والناس يسمونها الملة بفتح الميم وتشديد اللام وانما الملة الحفرة نفسها (قوله يتكفؤها الجبار) بفتح المثناة والكاف وتشديد الفاء المفتوحة بعدها همزة أي يميلها من كفأت الاناء إذا قلبته وفي رواية مسلم يكفؤها بسكون الكاف (قوله كما يكفؤ أحدكم خبزته في السفر) قال الخطابي يعني خبز الملة الذي يصنعه المسافر فإنها لا تدحى كما تدحى الرقاقة وانما تقلب على الأيدي حتى تستوي وهذا على أن السفر بفتح المهملة والفاء ورواه بعضهم بضم أوله جمع سفرة وهو الطعام الذي يتخذ للمسافر ومنه سميت السفرة (قوله نزلا لأهل الجنة) النزل بضم النون وبالزاي وقد تسكن ما يقدم للضيف وللعسكر يطلق على الرزق وعلى الفضل ويقال أصلح للقوم نزلهم أي ما يصلح أن ينزلوا عليه من الغذاء وعلى ما يعجل للضيف قبل الطعام وهو اللائق هنا قال الداودي المراد أنه يأكل منها من سيصير إلى الجنة من أهل المحشر لا أنهم لا يأكلونها حتى يدخلوا الجنة (قلت) وظاهر الخبر يخالفه وكأنه بني على ما أخرجه الطبري عن سعيد بن جبير قال تكون الأرض خبزة بيضاء يأكل المؤمن من تحت قدميه ومن طريق أبي معشر عن محمد بن كعب أو محمد بن قيس نحوه وللبيهقي بسند ضعيف عن عكرمة تبدل الأرض مثل الخبزة يأكل منها أهل الاسلام حتى يفرغوا من الحساب وعن أبي جعفر الباقر نحوه وسأذكر بقية ما يتعلق بذلك في الحديث الذي بعده ونقل الطيبي عن البيضاوي أن هذا الحديث مشكل جدا لا من جهة إنكار صنع الله وقدرته على ما يشاء بل لعدم التوقيف على قلب جرم الأرض من الطبع الذي عليه إلى طبع المطعوم والمأكول مع ما ثبت في الآثار أن هذه الأرض تصير يوم القيامة نارا وتنضم إلى جهنم فلعل الوجه فيه أن معنى قوله خبزة واحدة أي كخبزة واحدة من نعتها كذا وكذا وهو نظير ما في حديث سهل يعني المذكور بعده كقرصة النقي فضرب المثل بها لاستدرأتها وبياضها فضرب المثل في هذا الحديث بخبزة تشبه الأرض في معنيين أحدهما بيان الهيئة التي تكون الأرض عليها يومئذ والاخر بيان الخبزة التي يهيئها الله تعالى نزلا لأهل الجنة وبيان عظم مقدارها ابتداعا واختراعا قال الطيبي وانما دخل عليه الاشكال لأنه رأى الحديثين في باب الحشر فظن أنهما لشئ واحد وليس كذلك وانما هذا الحديث من باب وحديث سهل من باب وأيضا فالتشبيه لا يستلزم المشاركة بين المشبه والمشبه به في جميع الأوصاف بل يكفي حصوله في البعض وتقريره أنه شبه أرض الحشر بالخبزة في الاستواء والبياض وشبه أرض الجنة في كونها نزلا لأهلها ومهيأة لهم تكرمة بعجالة الراكب زاده يقنع به في سفره (قلت) آخر كلامه يقرر ما قال القاضي أن كون أرض الدنيا تصير نارا محمول على حقيقته وأن كونها تصير خبزة يأكل منها أهل الموقف محمول على المجاز والآثار التي أوردتها عن سعيد بن جبير وغيره ترد عليه والأولى الحمل على الحقيقة مهما أمكن وقدرة الله تعالى صالحة لذلك بل اعتقاد كونه حقيقة أبلغ وكون أهل الدنيا ويستفاد منه أن المؤمنين لا يعاقبون بالجوع في طول زمان الموقف بل يقلب الله لهم بقدرته طبع الأرض حتى يأكلوا منها من تحت أقدامهم ما شاء الله بغير علاج ولا كلفة ويكون معنى قوله نزلا لأهل الجنة أي الذين يصيرون إلى الجنة أعم من كون ذلك يقع بعد الدخول إليها أو قبله والله أعلم (قوله فأتى رجل) في رواية الكشميهني فأتاه (قوله من اليهود) لم أقف على اسمه
(٣٢٢)