يريدان ابن عباس من صغار الصحابة وهو من المكثرين لكنه كان كثرا ما يرسل ما يسمعه من أكابر الصحابة ولا يذكر الواسطة وتارة يذكره باسمه وتارة مبهما كقوله في أوقات الكراهة حدثني رجال مرضيون أرضاهم عندي عمر فأما ما صرح بسماعه له فقليل ولهذا كانوا يعتنون بعده فجاء عن محمد بن جعفر غندر أن هذه الأحاديث التي صرح ابن عباس بسماعها من النبي صلى الله عليه وسلم عشرة وعن يحيى القطان ويحيى بن معين وأبي داود صاحب السنن تسعة وأغرب الغزالي في المستصفى وقلده جماعة ممن تأخروا عنه فقال لم يسمع ابن عباس من النبي صلى الله عليه وسلم الا أربعة أحاديث وقال بعض شيوخ شيوخنا سمع من النبي صلى الله عليه وسلم دون العشرين من وجوه صحاح (قلت) وقد اعتنيت بجمعها فزاد على الأربعين ما بين صحيح وحسن خارجا عن الضعيف وزائدا أيضا على ما هو في حكم السماع كحكايته حضور شئ فعل بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فكأن الغزالي التبس عليه ما قالوا إن أبا العالية سمعه من ابن عباس وقيل خمسة وقيل أربعة " (قوله في الطريق الثانية قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب) وقع لمسلم بدل قوله يخطب بموعظة أخرجه عن محمد بن بشار شيخ البخاري فيه ومحمد بن المثنى قال واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر بسنده المذكور هنا وكذا أخرجه أحمد عن محمد بن جعفر (قوله فقال إنكم) زاد ابن المثنى يا أيها الناس انكم (قوله تحشرون) في رواية الكشميهني محشورون وهي رواية ابن المثنى (قوله حفاة) لم يقع فيه أيضا مشاة (قوله عراة) قال البيهقي وقع في حديث أبي سعيد يعني الذي أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان انه لما حضره الموت دعا بثياب جدد فلبسها وقال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها ويجمع بينهما بأن بعضهم يحشر عاريا وبعضهم كاسيا أو يحشرون كلهم عراة ثم يكسى الأنبياء فأول من يكسى إبراهيم عليه الصلاة والسلام أو يخرجون من القبور بالثياب التي ماتوا فيها ثم تتناثر عنهم عند ابتداء الحشر فيحشرون عراة ثم يكون أول من يكسى إبراهيم وحمل بعضهم حديث أبي سعيد على الشهداء لانهم الذين أمر أن يزملوا في ثيابهم ويدفنوا فيها فيحتمل أن يكون أبو سعيد سمعه في الشهيد فحمله على العموم وممن حمله على عمومه معاذ بن جبل فأخرج ابن أبي الدنيا بسند حسن عن عمرو بن الأسود قال دفنا أم معاذ بن جبل فأمر بها فكفنت في ثياب جدد وقال أحسنوا أكفان موتاكم فإنهم يحشرون فيها قال وحمله بعض أهل العلم على العمل وإطلاق الثياب على العمل وقع في مثل قوله تعالى ولباس التقوى ذلك خير وقوله تعالى وثيابك فطهر على أحد الأقوال وهو قول قتادة قال معناه وعملك فأخلصه ويؤكد ذلك حديث جابر رفعه يبعث كل عبد على ما مات عليه أخرجه مسلم وحديث فضالة بن عبيد من مات على مرتبة من هذه المراتب بعث عليها يوم القيامة الحديث أخرجه أحمد ورجح القرطبي الحمل على ظاهر الخبر ويتأيد بقوله تعالى ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وقوله تعالى كما بدأكم تعودون والى ذلك الإشارة في حديث الباب بذكر قوله تعالى كما بدأنا أول خلق نعيده عقب قوله حفاة عراة قال فيحمل ما دل عليه حديث أبي سعيد على الشهداء لانهم يدفنون بثيابهم فيبعثون فيها تمييزا لهم عن غيرهم وقد نقله ابن عبد البر عن أكثر العلماء ومن حيث النظر ان الملابس في الدنيا أموال ولا مال في الآخرة مما كان في الدنيا ولان الذي بقي النفس مما تكره
(٣٣١)