ما يتصل به من البدن الاتصال الذي يمكن به إدراك التنعيم أو التعذيب على ما تقدم تقريره وأبدى القرطبي في ذلك احتمالين هل هو على الروح فقط أو عليها وعلى جزء من البدن وحكى ابن بطال عن بعض أهل بلدهم أن المراد بالعرض هنا الاخبار بأن هذا موضع جزائكم على أعمالكم عند الله وأريد بالتكرير تذكارهم بذلك واحتج بأن الأجساد تفنى والعرض لا يقع على شئ فإن قال فبأن أن العرض الذي يدوم إلى يوم القيامة انما هو على الأرواح خاصة وتعقب بأن حمل العرض على الاخبار عدول عن الظاهر بغير مقتض لذلك ولا يجوز العدول الا بصارف يصرفه عن الظاهر (قلت) ويؤيد الحمل على الظاهر أن الخبر ورد على العموم في المؤمن والكافر فلو اختص بالروح لم يكن للشهيد في ذلك كبير فائدة لان روحه منعمة جزما كما في الأحاديث الصحيحة وكذا روح الكافر معذبة في النار جزما فإذا حمل على الروح التي لها اتصال بالبدن ظهرت فائدة ذلك في حق الشهيد وفي حق الكافر أيضا (قوله غدوة وعشية) أي أول النهار وآخره بالنسبة إلى أهل الدنيا (قوله اما النار واما الجنة) تقدم في الجنائز من رواية مالك بلفظ إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وتقدم توجيهه في أواخر كتاب الجنائز وتقدم هناك بحث القرطبي في المفهم ثم إن هذا العرض للمؤمن المتقي والكافر ظاهر وأما المؤمن المخلط فيحتمل أيضا أن يعرض عليه مقعده من الجنة التي سيصير إليها (قلت) والانفصال عن هذا الاشكال يظهر من الحديث الذي أخرجه ابن أبي الدنيا والطبراني وصححه ابن حبان من حديث أبي هريرة في قصة السؤال في القبر وفيه ثم يفتح له باب من أبواب الجنة فيقال له هذا مقعدك وما أعد الله لك فيها فيزداد غبطة وسرورا ثم يفتح له باب من أبواب النار فيقال له هذا مقعدك وما أعد الله لك فيها لو عصيته فيزداد غبطة وسرورا الحديث وفيه في حق الكافر ثم يفتح له باب من أبواب النار وفيه فيزداد حسرة وثبورا في الموضعين وفيه لو أطعته وأخرج الطبراني عن ابن مسعود ما من نفس الا وتنظر في بيت في الجنة وبيت في النار فيرى أهل النار البيت الذي في الجنة فيقال لو عملتم ويرى أهل الجنة البيت الذي في النار فيقال لولا أن من الله عليكم ولأحمد عن عائشة ما يؤخذ منه أن رؤية ذلك للنجاة أو العذاب في الآخرة فعلى هدا يحتمل في المذنب الذي قدر عليه ان يعذب قبل أن يدخل الجنة أن يقال له مثلا بعد عرض مقعده من الجنة هذا مقعدك من أول وهلة لو لم تذنب وهذا مقعدك من أول وهلة لعصيانك نسأل الله العفو والعافية من كل بلية في الحياة وبعد الموت انه ذو الفضل العظيم (قوله فيقال هذا مقعدك حتى تبعث إليه) في رواية الكشميهني عليه وفي طريق مالك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة وقد بينت الإشارة إليه بعد خمسة أبواب * الحديث السادس حديث عائشة في النهى عن سب الأموات تقدم شرحه مستوفى في أواخر كتاب الجنائز (قوله باب نفخ الصور) تكرر ذكره في القرآن في الانعام والمؤمنين والنمل والزمروق وغيرها وهو بضم المهملة وسكون الواو وثبت كذلك في القراءات المشهورة والأحاديث وذكر عن الحسن البصري أنه قرأها بفتح الواو جمع صورة وتأوله على أن المراد النفخ في الأجساد لتعاد إليها الأرواح وقال أبو عبيدة في المجاز يقال الصور يعني بسكون الواو جمع صورة كما يقال سور المدينة جمع سورة قال الشاعر * لما أتى خبر الزبير تواضعت * سور المدينة * فيستوى معنى القراءتين وحكى مثله الطبري عن قوم وزاد كالصوف جمع صوفة قالوا والمراد النفخ في الصور وهي الأجساد لتعاد فيها الأرواح
(٣١٦)