هذا من حسن تصرفه صلى الله عليه وسلم لأنه جعل الدعوة فيما ينبغي ومن كثرة كرمه لأنه آثر أمته على نفسه ومن صحة نظره لأنه جعلها للمذنبين من أمته لكونهم أحوج إليها من الطائعين وقال النووي فيه كمال شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ورأفته بهم واعتناؤه بالنظر في مصالحهم فجعل دعوته في أهم أوقات حاجتهم وأما قوله فهي نائلة ففيه دليل لأهل السنة ان من مات غير مشرك لا يخلد في النار ولو مات مصرا على الكبائر (قوله وقال معتمر) هو ابن سليمان التيمي كذا للأكثر وبه جزم الإسماعيلي والحميدي لكن عند الأصيلي وكريمة في أوله قال لي خليفة حدثنا معتمر فعلى هذا هو متصل وقد وصله أيضا مسلم عن محمد بن عبد الاعلى عن معتمر (قوله لكل نبي سال سؤلا أو قال لكل نبي دعوة) هكذا وقع بالشك ولم يسق مسلم لفظه بل أحال به على طريق قتادة عن أنس وقد أخرجه ابن منده في كتاب الايمان من طريق محمد بن عبد الاعلى به ومن طريق الحسن بن الربيع ومسدد وغيرهما عن معتمر بالشك ولفظه كل نبي قد سأل سؤلا أو قال لكل نبي دعوة قد دعا بها الحديث ولفظ قتادة عند مسلم لكل نبي دعوة دعاها لامته فذكره ولم يشك (قوله باب أفضل الاستغفار) سقط لفظ باب لأبي ذر ووقع في شرح ابن بطال بلفظ فضل الاستغفار وكأنه لما رأى الآيتين في أول الترجمة وهما دالتان على الحث على الاستغفار ظن أن الترجمة لبيان فضيلة الاستغفار ولكن حديث الباب يؤيد ما وقع عند الأكثر وكأن المصنف أراد اثبات مشروعية الحث على الاستغفار بذكر الآيتين ثم بين بالحديث أولى ما يستعمل من ألفاظه وترجم بالأفضلية ووقع الحديث بلفظ السيادة وكأنه أشار إلى أن المراد بالسيادة الأفضلية ومعناها الأكثر نفعا لمستعمله ومن أوضح ما وقع في فضل الاستغفار ما أخرجه الترمذي وغيره من حديث يسار وغيره مرفوعا من قال أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفرت ذنوبه وإن كان فر من الزحف قال أبو نعيم الأصبهاني هذا يدل على أن بعض الكبائر تغفر ببعض العمل الصالح وضابطه الذنوب التي لا توجب على مرتكبها حكما في نفس ولا مال ووجه الدلالة منه انه مثل بالفرار من الزحف وهو من الكبائر فدل على أن ما كان مثله أو دونه يغفر إذا كان مثل الفرار من الزحف فإنه لا يوجب على مرتكبه حكما في نفس ولا مال (قوله وقوله تعالى واستغفروا ربكم انه كان غفارا الآية) كذا رأيت في نسخة معتمدة من رواية أبي ذر وسقطت الواو من رواية غيره وهو الصواب فان التلاوة فقلت استغفروا ربكم وساق غير أبي ذر الآية إلى قوله تعالى أنهارا وكأن المصنف لمح بذكر هذه الآية إلى أثر الحسن البصري ان رجلا شكى إليه الجدب فقال استغفر الله وشكى إليه آخر الفقر فقال استغفر الله وشكى إليه آخر جفاف بستانه فقال استغفر الله وشكى إليه آخر عدم الولد فقال استغفر الله ثم تلا عليهم هذه الآية وفي الآية حث على الاستغفار وإشارة إلى وقوع المغفرة لمن استغفر والى ذلك أشار الشاعر بقوله لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه * من جود كفيك ما علمتني الطلبا (قوله والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم الآية) كذا لأبي ذر وساق غيره إلى قوله وهم يعملون واختلف في معنى قوله ذكروا الله فقيل إن قوله فاستغفروا تفسير للمراد بالذكر وقيل هو على حذف تقديره ذكروا عقاب الله والمعنى تفكروا في أنفسهم ان الله سائلهم فاستغفروا
(٨٢)