اغفر لي السادس في التشهد وسيأتي وكان أيضا يدعو في القنوت وفي حال القراءة إذا مر بآية رحمة سأل وإذا مر بآية عذاب استعاذ (قوله باب الدعاء بعد الصلاة) أي المكتوبة وفي هذه الترجمة رد على من زعم أن الدعاء بعد الصلاة لا يشرع متمسكا بالحديث الذي أخرجه مسلم من رواية عبد الله بن الحارث عن عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم لا يثبت الا قدر ما يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام والجواب أن المراد بالنفي المذكور نفي استمراره جالسا على هيئته قبل السلام الا بقدر أن يقول ما ذكر فقد ثبت انه كان إذا صلى أقبل على أصحابه فيحمل ما ورد من الدعاء بعد الصلاة على أنه كان يقوله بعد أن يقبل بوجهه على أصحابه قال ابن القيم في الهدي النبوي وأما الدعاء بعد السلام من الصلاة مستقبل القبلة سواء الامام والمنفرد والمأموم فلم يكن ذلك من هدى النبي صلى الله عليه وسلم أصلا ولا روى عنه بإسناد صحيح ولا حسن وخص بعضهم ذلك بصلاتي الفجر والعصر ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء بعد ولا أرشد إليه أمته وانما هو استحسان رآه من رآه عوضا من السنة بعدهما قال وعامة الأدعية المتعلقة بالصلاة انما فعلها فيها وأمر بها فيها قال وهذا اللائق بحال المصلى فإنه مقبل على ربه مناجيه فإذا سلم منها انقطعت لمناجاة وانتهى موقفه وقربه فكيف يترك سؤاله في حال مناجاته والقرب منه وهو مقبل عليه ثم يسأل إذا انصرف عنه ثم قال لكن الاذكار الواردة بعد المكتوبة يستحب لمن أتى بها ان يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن يفرغ منها ويدعو بما شاء ويكون دعاؤه عقب هذه العبادة الثانية وهي الذكر لا لكونه دبر المكتوبة (قلت) وما ادعاه من النفي مطلقا مردود فقد ثبت عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا معاذ اني والله لأحبك فلا تدع دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم وحديث أبي بكرة في قول اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهن دبر كل صلاة أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وصححه الحاكم وحديث سعد الآتي في باب التعوذ من البخل قريبا فإن في بعض طرقه المطلوب وحديث زيد بن أرقم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في دبر كل صلاة اللهم ربنا ورب كل شئ الحديث أخرجه أبو داود والنسائي وحديث صهيب رفعه كان يقول إذا انصرف من الصلاة اللهم أصلح لي ديني الحديث أخرجه النسائي وصححه ابن حبان وغير ذلك فان قيل المراد بدبر كل صلاة قرب آخرها وهو التشهد قلنا قد ورد الامر بالذكر دبر كل صلاة والمراد به بعد السلام إجماعا فكذا هذا حتى يثبت ما يخالفه وقد أخرج الترمذي من حديث أبي أمامة قيل يا رسول الله أي الدعاء اسمع قال جوف الليل الأخير ودبر الصلوات المكتوبات وقال حسن وأخرج الطبري من رواية جعفر بن محمد الصادق قال الدعاء بعد المكتوبة أفضل من الدعاء بعد النافلة كفضل المكتوبة على النافلة وفهم كثير ممن لقيناه من الحنابلة أن مراد ابن القيم نفي الدعاء بعد الصلاة مطلقا وليس كذلك فان حاصل كلامه أنه نفاه بقيد استمرار استقبال المصلي القبلة وايراده بعد السلام وأما إذا انتقل بوجهه أو قدم الاذكار المشروعة فلا يمتنع عنده الاتيان بالدعاء حينئذ ثم ذكر المصنف حديث أبي هريرة في التسبيح بعد الصلاة وحديث المغيرة في قول لا إله إلا الله وحده
(١١٣)