على منع الرواية بالمعنى ففيه نظر لان شرط الرواية بالمعنى أن يتفق اللفظان في المعنى المذكور وقد تقرر أن النبي والرسول متغايران لفظا ومعنى فلا يتم الاحتجاج بذلك قيل وفي الاستدلال بهذا الحديث لمنع الرواية بالمعنى مطلقا نظر وخصوصا ابدال الرسول بالنبي وعكسه إذا وقع في الرواية لان الذات المحدث عنها واحدة فالمراد يفهم بأي صفة وصف بها الموصوف إذا ثبتت الصفة له وهذا بناء على أن السبب في منع الرواية بالمعنى أن الذي يستجيز ذلك قد يظن يوفى بمعنى اللفظ الاخر ولا يكون كذلك في نفس الامر كما عهد في كثير من الأحاديث فالاحتياط الاتيان باللفظ فعلى هذا إذا تحقق بالقطع أن المعنى فيهما متحد لم يضر بخلاف ما إذا اقتصر على الظن ولو كان غالبا وأولى ما قيل في الحكمة في رده صلى الله عليه وسلم على من قال الرسول بدل النبي أن ألفاظ الاذكار توقيفية ولها خصائص وأسرار لا يدخلها القياس فتجب المحافظة على اللفظ الذي وردت به وهذا اختيار المازري قال فيقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف ولعله أوحى إليه بهذه الكلمات فيتعين أداؤها بحروفها وقال النووي في الحديث ثلاث سنن مهمة إحداها الوضوء عند النوم وإن كان متوضئا كفاه لان المقصود النوم على طهارة ثانيها النوم على اليمين ثالثها الختم بذكر الله وقال الكرماني هذا الحديث يشتمل على الايمان بكل ما يجب الايمان به إجمالا من الكتب والرسل من الإلهيات والنبويات وعلى اسناد الكل إلى الله من الذوات والصفات والافعال لذكر الوجه والنفس والامر وإسناد الظهر مع ما فيه من التوكل على الله والرضا بقضائه وهذا كله بحسب المعاش وعلى الاعتراف بالثواب والعقاب خيرا وشرا وهذا بحسب المعاد (تنبيه) وقع عند النسائي في رواية عمرو بن مرة عن سعد بن عبيدة في أصل الحديث آمنت بكتابك الذي أنزلت وبرسولك الذي أرسلت وكأنه لم يسمع من سعد ابن عبيدة الزيادة التي في آخره فروى بالمعنى وقد وقع في رواية أبي إسحاق عن البراء نظير ما في رواية منصور عن سعد بن عبيدة أخرجه الترمذي من طريق سفيان بن عيينة عن أبي إسحاق وفي آخره قال البراء فقلت وبرسولك الذي أرسلت فطعن بيده في صدري ثم قال ونبيك الذي أرسلت وكذا اخرج النسائي من طريق فطر بن خليفة عن أبي إسحاق ولفظه فوضع يده في صدري نعم اخرج الترمذي من حديث رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا اضطجع أحدكم على يمينه ثم قال فذكر نحو الحديث وفي آخره أومن بكتابك الذي أنزلت وبرسلك الذي أرسلت هكذا فيه بصيغة الجمع وقال حسن غريب فإن كان محفوظا فالسر فيه حصول التعميم الذي دلت عليه صيغة الجمع صريحا فدخل فيه جميع الرسل من الملائكة والبشر فأمن اللبس ومنه قوله تعالى كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والله أعلم (قوله باب ما يقول إذا نام) سقطت هذه الترجمة لبعضهم وثبتت للأكثر (قوله سفيان) هو الثوري وعبد الملك هو ابن عمير وثبت في رواية أبي ذر وأبي زيد المروزي عن عبد الملك بن عمير (قوله إذا أوى إلى فراشه) أي دخل فيه وفي الطريق الآتية قريبا إذا اخذ مضجعه وأوى بالقصر واما قوله الحمد لله الذي آوانا فهو بالمد ويجوز فيه القصر والضابط في هذه اللفظة أنها مع اللزوم تمد في الأفصح ويجوز القصر وفي التعدي بالعكس (قوله باسمك أموت وأحيى) أي بذكر اسمك أحيى ما حييت وعليه أموت وقال القرطبي قوله باسمك أموت يدل على أن الاسم هو المسمى وهو كقوله تعالى سبح اسم
(٩٦)