خليد بن دعلج في روايته التي تقدمت الإشارة إليها وكلها في القرآن وكذا وقع من قول سعيد بن عبد العزيز وكذا وقع في حديث ابن عباس وابن عمر معا بلفظ من أحصاها دخل الجنة وهي في القرآن وسيأتي في كتاب التوحيد شرح معاني كثير من الأسماء حيث ذكرها المصنف في تراجمه إن شاء الله تعالى وقوله دخل الجنة عبر بالماضي تحقيقا لوقوعه وتنبيها على أنه وان لم يقع فهو في حكم الواقع لأنه كائن لا محالة (قوله وهو وتر يحب الوتر) في رواية مسلم والله وتر يحب الوتر وفي رواية شعيب بن أبي حمزة انه وتر يحب الوتر ويجوز فتح الواو وكسرها والوتر الفرد ومعناه في حق الله أنه الواحد الذي لا نظير له في ذاته ولا انقسام وقوله يحب الوتر قال عياض معناه أن للوتر في العدد فضلا على الشفع في أسمائه لكونه دال على الوحدانية في صفاته وتعقب بأنه لو كان المراد به الدلالة على الوحدانية لما تعددت الأسماء بل المراد أن الله يحب الوتر من كل شئ وان تعدد ما فيه الوتر وقيل هو منصرف إلى من يعبد الله بالوحدانية والتفرد على سبيل الاخلاص وقيل لأنه أمر بالوتر في كثير من الأعمال والطاعات كما في الصلوات الخمس ووتر الليل وأعداد الطهارة وتكفين الميت وفي كثير من المخلوقات كالسماوات والأرض انتهى ملخصا وقال القرطبي الظاهر أن الوتر هنا للجنس إذ لا معهود جرى ذكره حتى يحمل عليه فيكون معناه انه وتر يحب كل وتر شرعه ومعنى محبته له أنه أمر به وأثاب عليه ويصلح ذلك لعموم ما خلقه وترا من مخلوقاته أو معنى محبته له أنه خصصه بذلك لحكمة يعلمها ويحتمل أن يريد بذلك وترا بعينه وان لم يجر له ذكر ثم اختلف هؤلاء فقيل المراد صلاة الوتر وقيل صلاة الجمعة وقيل يوم الجمعة وقيل يوم عرفة وقيل آدم وقيل غير ذلك قال والأشبه ما تقدم من حمله على العموم قال ويظهر لي وجه آخر وهو أن الوتر يراد به التوحيد فيكون المعنى ان الله في ذاته وكماله وأفعاله واحد ويحب التوحيد أي ان يوحد ويعتقد انفراده بالألوهية دون خلقه فيلتئم أول الحديث وآخره والله أعلم (قلت) لعل من حمله على صلاة الوتر استند إلى حديث على أن الوتر ليس بحتم كالمكتوبة ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتر ثم قال أوتروا يا أهل القرآن فان الله وتر يحب الوتر أخرجوه في السنن الأربعة وصححه ابن خزيمة واللفظ له فعلى هذا التأويل تكون اللام في هذا الخبر للعهد لتقدم ذكر الوتر المأمور به لكن لا يلزم أن يحمل الحديث الاخر على هذا بل العموم فيه أظهر كما أن العموم في حديث علي محتمل أيضا وقد طعن أبو زيد البلخي في صحة الخبر بأن دخول الجنة ثبت في القرآن مشروطا ببذل النفس والمال فكيف يحصل بمجرد حفظ ألفاظ تعد في أيسر مدة وتعقب بأن الشرط المذكور ليس مطردا ولا حصر فيه بل قد تحصل الجنة بغير ذلك كما ورد في كثير من الأعمال غير الجهاد ان فاعله يدخله الجنة وأما دعوى أن حفظها يحصل في أيسر مدة فإنما يرد على من حمل الحفظ والاحصاء على معنى أن يسردها عن ظهر قلب فأما من أوله على بعض الوجوه للمتقدمة فإنه يكون في غاية المشقة ويمكن الجواب عن الأول بأن الفضل واسع (قوله باب الموعظة ساعة بعد ساعة) مناسبة هذا الباب لكتاب الدعوات أن الموعظة يخالطها غالبا التذكير بالله وقد تقدم أن الذكر من جملة الدعاء وختم به أبواب الدعوات التي عقبها بكتاب الرقاق لاخذه من كل منهما شوبا (قوله حدثني شقيق) هو أبو وائل ووقع كذلك في كتاب العلم من طريق الثوري عن الأعمش وقد ذكرت هناك ما يتعلق بسماع الأعمش له من
(١٩٤)