بأن يبدأه الراكب بالسلام احتياطا عل الراكب من الزهو أن لو حاز الفضيلتين وأما الماشي فلما يتوقع القاعد منه من الشر ولا سيما إذا كان راكبا فإذا ابتدأ بالسلام أمن منه ذلك وأنس إليه أو لان في التصرف في الحاجات امتهانا فصار للقاعد مزية فأمر بالابتداء أو لان القاعد يشق عليه مراعاة المارين مع كثرتهم فسقطت البداءة عنه للمشقة بخلاف المار فلا مشقة عليه وأما القليل فلفضيلة الجماعة أو لان الجماعة لو ابتدؤا لخيف على الواحد الزهو فاحتيط له ولم يقع تسليم الصغير على الكبير في صحيح مسلم وكأنه لمراعاة السن فإنه معتبر في أمور كثيرة في الشرع فلو تعارض الصغر المعنوي والحسي كأن يكون الأصغر أعلم مثلا فيه نظر ولم أر فيه نقلا والذي يظهر إعتبار السن لأنه الظاهر كما تقدم الحقيقة على المجاز ونقل ابن دقيق العيد عن ابن رشد أن محل الامر في تسليم الصغير على الكبير إذا التقيا فإن كان أحدهما راكبا والاخر ماشيا بدأ الراكب وان كانا راكبين أو ماشيين بدأ الصغير وقال المازري وغيره هذه المناسبات لا يعترض عليها بجزيئات تخالفها لأنها لم تنصب نصب العلل الواجبة الاعتبار حتى لا يجوز أن يعدل عنها حتى لو ابتدأ الماشي فسلم على الراكب لم يمتنع لأنه ممتثل للامر بإظهار السلام وإفشائه غير أن مراعاة ما ثبت في الحديث أولى وهو خبر بمعنى الامر على سبيل الاستحباب ولا يلزم من ترك المستحب الكراهة بل يكون خلاف الأولى فلو ترك المأمور بالابتداء فبدأه الآخر كان المأمور تاركا للمستحب والآخر فاعلا للسنة إلا إن بادر فيكون تاركا للمستحب أيضا وقال المتولي لو خالف الراكب أو الماشي ما دل عليه الخبر كره قال والوارد يبدأ بكل حال وقال الكرماني لو جاء أن الكبير يبدأ الصغير والكثير يبدأ القليل لكان مناسبا لان الغالب أن الصغير يخاف من الكبير والقليل من الكثير فإذا بدأ الكبير والكثير أمن منه الصغير والقليل لكن لما كان من شأن المسلمين أن يؤمن بعضهم بعضا اعتبر جانب التواضع كما تقدم وحيث لا يظهر رجحان أحد الطرفين باستحقاقه التواضع له اعتبر الاعلام بالسلامة والدعاء له رجوعا إلى ما هو الأصل فلو كان المشاة كثيرا والقعود قليلا تعارضا ويكون الحكم حكم اثنين تلاقيا معا فأيهما بدأ فهو أفضل ويحتمل ترجيح جانب الماشي كما تقدم والله أعلم (قوله باب إفشاء السلام) كذا للنسفي وأبي الوقت وسقط لفظ باب للباقين والإفشاء الاظهار والمراد نشر السلام بين الناس ليحيوا سنته وأخرج البخاري في الأدب المفرد بسند صحيح عن ابن عمر إذا سلمت فاسمع فإنها تحية من عند الله قال النووي أقله أن يرفع صوته بحيث يسمع المسلم عليه فإن لم يسمعه لم يكن آتيا بالسنة ويستحب أن يرفع صوته بقدر ما يتحقق أنه سمعه فإن شك استظهر ويستثنى من رفع الصوت بالسلام ما إذا دخل على مكان فيه إيقاظ ونيام فالسنة فيه ما ثبت في صحيح مسلم عن المقداد قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يجئ من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان ونقل النووي عن المتولى أنه قال يكره إذا لقى جماعة أن يخص بعضهم بالسلام لان القصد بمشروعية السلام تحصيل الألفة وفي التخصيص إيحاش لغير من خص بالسلام (قوله جرير) هو ابن عبد الحميد والشيباني هو أبو إسحاق وأشعث هو ابن أبي الشعثاء بمعجمه ثم مهملة ثم مثلثة فيه وفي أبيه واسم أبيه سليم بن أسود (قوله 3 عن معاوية بن قرة) كذا للأكثر وخالفهم جعفر بن عوف فقال عن الشيباني عن أشعث عن سويد بن غفلة عن البراء وهي رواية شاذة أخرجها الإسماعيلي
(١٥)