بأن كفارة القتل مغلظة بخلاف كفارة اليمين ومن ثم اشترط التتابع في صيام القتل دون اليمين (قوله وأي الرقاب أزكى) يشير إلى الحديث الماضي في أوائل العتق عن أبي ذر وفيه قلت فأي الرقاب أفضل قال أعلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها وقد تقدم شرحه مستوفى هناك وكأن البخاري رمز بذلك إلى موافقة الكوفيين لان افعل التفضيل يقتضي الاشتراك في أصل الحكم وقال ابن المنير لم يبت البخاري الحكم في ذلك ولكنه ذكر الفضل في عتق المؤمنة لينبه على مجال النظر فلقائل أن يقول إذا وجب عتق الرقبة في كفارة اليمين كان الاخذ بالأفضل أحوط والا كان المكفر بغير المؤمنة على شك في براءة الذمة قال وهذا أقوى من الاستشهاد بحمل المطلق على المقيد لظهور الفرق بينهما ثم ذكر البخاري حديث أبي هريرة من أعتق رقبة مسلمة وقد تقدم أيضا في أوائل العتق من وجه آخر عن سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة وذكر فيه قصة لسعيد بن مرجانة مع علي بن حسين أي ابن علي بن أبي طالب الملقب زين العابدين وهو المذكور هنا أيضا وكأنه بعد أن سمعه من سعيد بن مرجانة وعمل به حدث به عن سعيد فسمعه منه زيد بن أسلم وفي رواية الباب زيادة في آخره وهي قوله حتى فرجه بفرجه وحتى هنا عاطفة لوجود شرائط العطف فيها فيكون فرجه بالنصب وقد تقدمت فوائد هذا الحديث وبيان ما ورد فيه من الزيادة هناك وأخرج مسلم حديث الباب عن داود بن رشيد شيخ شيخ البخاري فيه وقد نزل البخاري في هذا الاسناد درجتين فان بينه وبين أبي غسان محمد بن مطرف في عدة أحاديث في كتابه راويا واحدا كسعيد بن أبي مريم في الصيام والنكاح والأشربة وغيرها وكعلي بن عياش في البيوع والأدب ومحمد بن عبد الرحيم شيخه فيه هو المعروف بصاعقة وهو من أقرانه وداود بن رشيد بشين ومعجمة مصغر من طبقة شيوخه الوسطى وفي السند ثلاثة من التابعين في نسق زيد وعلي وسعيد والثلاثة مدنيون وزيد وعلي قرينان (قوله باب عتق المدبر وأم الولد والمكاتب في الكفارة وعتق ولد الزنا) ذكر فيه حديث جابر في عتق المدبر وعمرو في السند هو ابن دينار وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب العتق وبيان الاختلاف فيه والاحتجاج لمن قال بصحة بيعه وقضية ذلك صحة عتقه في الكفارة لان صحة بيعه فرع بقاء الملك فيه فيصح تنجيز عتقه وأما أم الولد فحكمها حكم الرقيق في أكثر الاحكام كالجناية والحدود واستمتاع السيد وذهب كثير من العلماء إلى جواز بيعها ولكن استقر الامر على عدم صحته وأجمعوا على جواز تنجيز عتقها فتجزئ في الكفارة وأما عتق المكاتب فأجازه مالك والشافعي والثوري كذا حكاه ابن المنذر وعن مالك أيضا لا يجزئ أصلا وقال أصحاب الرأي إن كان أدى بعض الكتابة لم يجزئ لأنه يكون أعتق بعض الرقبة وبه قال الأوزاعي والليث وعن أحمد وإسحاق ان أدى الثلث فصاعدا لم يجزئ (قوله وقال طاوس يجزئ المدبر وأم الولد) وصله ابن أبي شيبة من طريقه بلفظ يجزئ عتق المدبر في الكفارة وأم الولد في الظهار وقد اختلف السلف فوافق طاوسا الحسن في المدبر والنخعي في أم الولد وخالفه فيهما الزهري والشعبي وقال مالك والأوزاعي لا يجزئ في الكفارة مدبر ولا أم ولد ولا معلق عتقه وهو قول الكوفيين وقال الشافعي يجزئ عتق المدبر وقال أبو ثور يجزئ عتق المكاتب ما دام عليه شئ من كتابته واحتج لمالك بأن هؤلاء ثبت لهم عقد حرية لا سبيل إلى رفعها والواجب في الكفارة تحرير رقبة وأجاب الشافعي بأنه لو كانت في المدبر شعبة من حرية ما جاز بيعه وأما عتق ولد الزنا فقال ابن المنير
(٥١٩)