أحد دل على أن مرادهما ألا يطلع أحد على كلامهما ويتأكد ذلك إذا كان صوت أحدهما جهوريا لا يتأتى له أخفاء كلامه ممن حضره وقد يكون لبعض الناس قوة فهم بحيث إذا سمع بعض الكلام استدل به على باقيه فالمحافظة على ترك ما يؤذي المؤمن مطلوبة وان تفاوتت المراتب وقد أخرج سفيان بن عيينة في جامعه عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال قال ابن عمر في زمن الفتنة ألا ترون القتل شيا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكر حديث الباب وزاد في آخره تعظيما لحرمة المسلم وأظن هذه الزيادة من كلام ابن عمر استنبطها من الحديث فأدرجت في الخبر والله أعلم قال النووي النهي في الحديث للتحريم إذا كان بغير رضاه وقال في موضع آخر الا بإذنه أي صريحا كان أو غير صريح والاذن أخص من الرضا لان الرضا قد يعلم بالقرينة فيكتفى بها عن التصريح والرضا أخص من الاذن من وجه آخر لان الاذن قد يقع مع الاكراه ونحوه والرضا لا يطلع على حقيقته لكن الحكم لا يناط الا بالاذن الدال على الرضا وظاهر الاطلاق أنه لا فرق في ذلك بين الحضر والسفر وهو قول الجمهور وحكى الخطابي عن أبي عبيد بن حربويه أنه قال هو مختص بالسفر في الموضع الذي لا يامن فيه الرجل على نفسه فأما في الحضر وفي العمارة فلا بأس وحكى عياض نحوه ولفظه قيل أن المراد بهذا الحديث السفر والمواضع التي لا يأمن فيها الرجل رفيقه أو لا يعرفه أو لا يثق به ويخشى منه قال وقد روى في ذلك أثر وأشار بذلك إلى ما أخرجه أحمد من طريق أبي سالم الجيشاني عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ولا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة أن يتناجى اثنان دون صاحبهما الحديث وفي سنده ابن لهيعة وعلى تقدير ثبوته فتقييده بأرض الفلاة يتعلق بأحد علتي النهي قال الخطابي انما قال يحزنه لأنه اما أن يتوهم أن نجواهما إنما هي لسوء رأيهما فيه أو أنهما يتفقان على غائلة تحصل له منهما (قلت) فحديث الباب يتعلق بالمعنى الأول وحديث عبد الله بن عمرو يتعلق بالثاني وعلى هذا المعنى عول ابن حربويه وكأنه ما استحضر الحديث الأول قال عياض قيل كان هذا في أول الاسلام فلما فشا الاسلام وأمن الناس سقط هذا الحكم وتعقبه القرطبي بأن هذا تحكم وتخصيص لا دليل عليه وقال ابن العربي الخبر عام اللفظ المعنى والعلة الحزن وهي موجودة في السفر والحضر فوجب أن يعمهما النهي جميعا (قوله باب طول النجوى وإذ هم نجوى مصدر من ناجيت فوصفهم بها والمعنى يتناجون) هذا التفسير في رواية المستملي وحده وقد تقدم بيانه في تفسير الآية في سورة سبحان وتقدم منه أيضا في تفسير سورة يوسف في قوله تعالى خلصوا نجيا ثم ذكر حديث أنس أقيمت الصلاة ورجل يناجي النبي صلى الله عليه وسلم الحديث وعبد العزيز راويه عن أنس هو ابن صهيب وقد تقدم شرح الحديث مستوفى في باب الامام تعرض له الحاجة وهو قبيل صلاة الجماعة (قوله حتى نام أصحابه) تقدم هناك بلفظ حتى نام بعض القوم فيحمل الاطلاق في حديث الباب على ذلك (قوله باب لا تترك النار في البيت عند النوم) بضم أول تترك ومثناة فوقانية على البناء للمجهول وبفتحه ومثناة تحتانية بصيغة النهي لمفرد ذكر فيه ثلاثة أحاديث * الأول حديث ابن عمر في النهي عن ذلك * الثاني حديث أبي موسى وفيه بيان حكمة النهي وهي خشية الاحتراق * الثالث حديث جابر وفيه بيان علة الخشية المذكورة فاما
(٧١)