العفر بياض يضرب إلى حمرة قليلا ومنه سمى عفر الأرض وهو وجهها وقال ابن فارس معنى عفراء خالصة البياض وقال الداودي شديدة البياض كذا قال والأول هو المعتمد (قوله كقرصة النقي) بفتح النون وكسر القاف أي الدقيق النقي من الغش والنخال قاله الخطابي (قوله قال سهل أو غيره ليس فيها معلم لاحد) هو موصول بالسند المذكور وسهل هو راوي الخبر وأو للشك والغير المبهم لم أقف على تسميته ووقع هذا الكلام الأخير لمسلم من طريق خالد بن مخلد عن محمد بن جعفر مدرجا بالحديث ولفظه ليس فيها علم لاحد ومثله لسعيد بن منصور عن ابن أبي حازم عن أبيه والعلم والمعلم بمعنى واحد قال الخطابي يريد أنها مستوية والمعلم بفتح الميم واللام بينهما مهملة ساكنة هو الشئ الذي يستدل به على الطريق وقال عياض المراد أنها ليس فيها علامة سكنى ولا بناء ولا أثر ولا شئ من العلامات التي يهتدي بها في الطرقات كالجبل والصخرة البارزة وفيه تعريض بأرض الدنيا وانها ذهبت وانقطعت العلاقة منها وقال الداودي المراد أنه لا يحوز أحد منها شيئا ألا ما أدرك منها وقال أبو محمد بن أبي جمرة فيه دليل على عظيم القدرة والاعلام بجزئيات يوم القيامة ليكون السامع على بصيرة فيخلص نفسه من ذلك الهول لان في معرفة جزئيات الشئ قبل وقوعه رياضة النفس وحملها على ما فيه خلاصها بخلاف مجئ الامر بغتة وفيه إشارة إلى أن أرض الموقف أكبر من هذه الأرض الموجودة جدا والحكمة في الصفة المذكورة أن ذلك اليوم يوم عدل وظهور حق فاقتضت الحكمة أن يكون المحل الذي يقع فيه ذلك طاهرا عن عمل المعصية والظلم وليكون تجليه سبحانه على عباده المؤمنين على أرض تليق بعظمته ولان الحكم فيه انما يكون لله وحده فناسب أن يكون المحل خالصا له وحده انتهى ملخصا وفيه إشارة إلى أن أرض الدنيا اضمحلت وأعدمت وأن أرض الموقف تجددت وقد وقع للسلف في ذلك خلاف في المراد بقوله تعالى يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات هل معنى تبديلها تغيير ذاتها وصفاتها أو تغيير صفاتها فقط وحديث الباب يؤيد الأول وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والطبري في تفاسيرهم والبيهقي في الشعب من طريق عمرو بن ميمون عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى يوم تبدل الأرض غير الأرض الآية قال تبدل الأرض أرضا كأنها فضة لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل عليها خطيئة ورجاله رجال الصحيح وهو موقوف وأخرجه البيهقي من وجه آخر مرفوعا وقال الموقوف أصح وأخرجه الطبري والحاكم من طريق عاصم عن زر بن حبيش عن ابن مسعود بلفظ أرض بيضا كأنها سبيكة فضة ورجاله موثقون أيضا ولأحمد من حديث أبي أيوب أرض كالفضة البيضاء قيل فأين الخلق يومئذ قال هم أضياف الله لن يعجزهم ما لديه وللطبري من طريق سنان بن سعد عن أنس مرفوعا يبدلها الله بأرض من فضة لم يعمل عليها الخطايا وعن علي موقوفا نحوه ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد أرض كأنها فضة والسماوات كذلك وعن علي والسماوات من ذهب وعند عبد من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة قال بلغنا أن هذه الأرض يعني أرض الدنيا تطوى والى جنبها أخرى يحشر الناس منها إليها وفي حديث الصور الطويل تبدل الأرض غير الأرض والسماوات فيبسطها ويسطحها ويمدها مد الأديم العكاظي لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة فإذا هم في هذه الأرض المبدلة في مثل مواضعهم من الأولى ما كان في بطنها كان في بطنها وما كان على ظهرها
(٣٢٤)