جواز النوم في المسجد من غير ضرورة إلى ذلك وعكسه غيره وهو الذي يظهر من سياق القصة (قوله باب من زار قوما فقال عندهم) أي رقد وقت القيلولة والفعل الماضي منه ومن القول مشترك بخلاف المضارع فقال يقيل من القائلة وقال يقول من القول وقد تلطف النضير المناوي حيث قال في لغز قال قال النبي قولا صحيحا * قلت قال النبي قولا صحيحا وفسره السراج الوراق في جوابه حيث قال فابن منه مضارعا يظهر الخافي * ويبدو الذي كنيت صريحا ثم ذكر فيه حديثين * أحدهما قصة أم سليم في العرق (قوله حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الأنصاري) هو محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك قاضي البصرة وقد أكثر البخاري الرواية عنه بلا واسطة كالذي هنا وثمامة هو عم عبد الله بن المثنى الراوي عنه (قوله أن أم سليم) هذا ظاهره أن الاسناد مرسل لان ثمامة لم يلحق جدة أبيه أم سليم والدة أنس لكن دل قوله في أواخره فلما حضر أنس بن مالك الوفاة أوصى إلي على أن ثمامة حمله عن أنس فليس هو مرسلا ولا من مسند أم سليم بل هو من مسند أنس وقد أخرجه الإسماعيلي من رواية محمد بن المثنى عن محمد بن عبد الله الأنصاري فقال في روايته عن ثمامة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل على أم سليم وذكر الحديث وقد أخرج مسلم معنى الحديث من رواية ثابت ومن رواية إسحاق بن أبي طلحة ومن رواية أبي قلابة كلهم عن أنس ووقع عنده في رواية أبي قلابة عن أنس عن أم سليم وهذا يشعر بأن أنسا إنما حمله عن أمه (قوله فيقيل) بفتح أوله وكسر القاف (عندها) في رواية إسحاق بن أبي طلحة عن أنس عند مسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل بيت أم سليم فينام على فراشها وليست فيه فجاء ذات يوم فقيل لها فجاءت وقد عرق فاستنقع عرقه وفي رواية أبي قلابة المذكورة كان يأتيها فيقيل عندها فتبسط له نطعا فيقيل عليه وكان كثير العرق (قوله أخذت من عرقه وشعره 2 فجعلته في قارورة) في رواية مسلم في قوارير ولم يذكر الشعر وفي ذكر الشعر غرابة في هذه القصة وقد حمله بعضهم على ما ينتثر من شعره عند الترجل ثم رأيت في رواية محمد بن سعد ما يزيل اللبس فإنه أخرج بسند صحيح عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حلق شعره بمنى أخذ أبو طلحة شعره فأتى به أم سليم فجعلته في سكها قالت أم سليم وكان يجئ فيقيل عندي على نطع فجعلت أسلت العرق الحديث فيستفاد من هذه الرواية أنها لما أخذت العرق وقت قيلولته أضافته إلى الشعر الذي عندها لا أنها أخذت من شعره لما نام ويستفاد منها أيضا أن القصة المذكورة كانت بعد حجة الوداع لأنه صلى الله عليه وسلم انما حلق رأسه بمنى فيها (قوله في سك) بضم المهملة وتشديد الكاف هو طيب مركب وفي النهاية طيب معروف يضاف إلى غيره من الطيب ويستعمل وفي رواية الحسن بن سفيان المذكورة ثم تجعله في سكها وفي رواية ثابت المذكورة عند مسلم دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال عندنا فعرق وجاءت أمي بقارورة فجعلت تسلت العرق فيها فاستيقظ فقال يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين قالت هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب وفي رواية إسحاق بن أبي طلحة المذكورة عرق فاستنقع عرقه على قطعة أديم ففتحت عتيدتها فجعلت تنشف ذلك العرق فتعصره في قواريرها
(٥٩)