وفيه حجة لأهل الزهد حيث قالوا الملتفت هالك يؤخذ من أن نظر المذكور عن يمينه وعن شماله فيه صورة الالتفات فلذا لما نظر امامه استقبلته النار وفيه دليل على قرب النار من أهل الموقف وقد أخرج البيهقي في البعث من مرسل عبد الله بن باباه بسند رجاله ثقات رفعه كأني أراكم بالكوم جثى من دون جهنم وقوله جثى بضم الجيم بعدها مثلثة مقصور جمع جاث والكوم بفتح الكاف والواو الساكنة المكان العالي الذي تكون عليه أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما ثبت في حديث كعب بن مالك عند مسلم أنهم يكونون يوم القيامة على تل عال وفيه أن احتجاب الله عن عباده ليس بحائل حسي بل بأمر معنوي يتعلق بقدرته يؤخذ من قوله ثم ينظر فلا يرى قدامه شيئا وقال ابن هبيرة المراد بالكلمة الطيبة هنا ما يدل على هدى أو يرد عن ردي أو يصلح بين اثنين أو يفصل بين متنازعين أو يحل مشكلا أو يكشف غامضا أو يدفع ثائرا أو يسكن غضبا والله سبحانه وتعالى أعلم (قوله باب يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب) فيه إشارة إلى أن وراء التقسيم الذي تضمنته الآية المشار إليها في الباب الذي قبله أمرا آخر وأن من المكلفين من لا يحاسب أصلا ومنهم من يحاسب حسابا يسيرا ومنهم من يناقش الحساب وذكر فيه خمسة أحاديث الحديث الأول (قوله حدثنا ابن فضيل) هو محمد وحصين هو ابن عبد الرحمن الواسطي (قوله قال أبو عبد الله) هو البخاري (قوله وحدثني أسيد) فتح الهمزة وكسر المهملة هو ابن زيد الجمال بالجيم كوفي حدث ببغداد قال أبو حاتم كانوا يتكلمون فيه وضعفه جماعة وأفحش ابن معين فيه القول وليس له عند البخاري سوى هذا الموضع وقد قرنه فيه بغيره ولعله كان عنده ثقة قاله أبو مسعود ويحتمل أن لا يكون خبر أمره كما ينبغي وانما سمع منه هذا الحديث الواحد وقد وافقه عليه جماعة منهم شريح بن النعمان عند أحمد وسعيد بن منصور عند مسلم وغيرهما وانما احتاج إليه فرارا من تكرير الاسناد بعينه فإنه أخرج السند الأول في الطب في باب من اكتوى ثم أعاده هنا فأضاف إليه طريق هشيم وتقدم له في الطب أيضا في باب من لم يرق من طريق حصين بن بهز عن حصين بن عبد الرحمن وتقدم باختصار قريبا من طريق شعبة عن حصين بن عبد الرحمن (قوله كنت عند سعيد بن جبير فقال حدثني ابن عباس) زاد ابن فضيل في رواية عن حصين عن عامر وهو الشعبي عن عمران بن حصين لا رقية الا من عين الحديث وقد بينت الاختلاف في رفع حديث عمران هذا والاختلاف في سنده أيضا في كتاب الطب وان في رواية هشيم زيادة قصة وقعت لحصين بن عبد الرحمن مع سعيد بن جبير فيما يتعلق بالرقية وذكرت حكم الرقية هناك (قوله عرضت) بضم أوله على البناء للمجهول (قوله على) بالتشديد (الأمم) بالرفع وقد بين عبثر بن القاسم بموحدة ثم مثلثة وزن جعفر في روايته عن حصين ابن عبد الرحمن عند الترمذي والنسائي أن ذلك كان ليلة الاسراء ولفظه لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم جعل يمر بالنبي ومعه الواحد الحديث فإن كان ذلك محفوظا كانت فيه قوة لمن ذهب إلى تعدد الاسراء وأنه وقع بالمدينة أيضا غير الذي وقع بمكة فقد وقع عند أحمد والبزار بسند صحيح قال أكربنا الحديث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عدنا إليه فقال عرضت على الأنبياء الليلة بأممها فجعل النبي يمر ومعه الثلاثة والنبي يمر ومعه العصابة فذكر الحديث وفي حديث جابر عند البزار أبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة العشاء حتى نام بعض من كان في المسجد
(٣٥٢)