فتح الباري - ابن حجر - ج ١١ - الصفحة ٤٧٦
النور وتقدم في أواخر الرقاق في الحديث الطويل من رواية لقيط بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر الهك وكررها وهو عند عبد الله بن أحمد في زيادات المسند وعند غيره (قوله باب لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم الآية) كذا لأبي ذر ولغيره بدل قوله الآية ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ويستفاد منه أن المراد في هذه الترجمة آية البقرة فان آية المائدة ذكرها في أول كتاب الايمان كما تقدم ومضى هناك تفسير اللغو وتمسك الشافعي فيه بحديث عائشة المذكور في الباب لكونها شهدت التنزيل فهي أعلم من غيرها بالمراد وقد جزمت بأنها نزلت في قوله لا والله وبلى والله ويؤيده ما أخرجه الطبري من طريق الحسن البصري مرفوعا في قصة الرماة وكان أحدهم إذا رمى حلف انه أصاب فيظهر انه أخطأ فقال النبي صلى الله عليه وسلم أيمان الرماة لغو لا كفارة لها ولا عقوبة وهذا لا يثبت لانهم كانوا لا يعتمدون مراسيل الحسن لأنه كان يأخذ عن كل أحد وعن أبي حنيفة وأصحابه وجماعة لغو اليمين ان يحلف على الشئ يظنه ثم يظهر خلافه فيختص بالماضي وقيل يدخل أيضا في المستقبل بان يحلف على شئ ظنا منه ثم يظهر بخلاف ما حلف وبه قال ربيعة ومالك ومكحول والأوزاعي والليث وعن أحمد روايتان ونقل ابن المنذر وغيره عن ابن عمر وابن عباس وغيرهما من الصحابة وعن القاسم وعطاء والشعبي وطاوس والحسن نحو ما دل عليه حديث عائشة وعن أبي قلابة لا والله وبلى والله لغة من لغات العرب لا يراد بها اليمين وهي من صلة الكلام ونقل إسماعيل القاضي عن طاوس لغو اليمين ان يحلف وهو غضبان وذكر أقوالا أخرى عن بعض التابعين وجملة ما يتحصل من ذلك ثمانية أقوال من جملتها قول إبراهيم النخعي انه يحلف على الشئ لا يفعله ثم ينسى فيفعله أخرجه الطبري وأخرجه عبد الرزاق عن الحسن مثله وعنه هو كقول الرجل والله انه لكذا وهو يظن أنه صادق ولا يكون كذلك وأخرج الطبري من طريق طاوس عن ابن عباس ان يحلف وهو غضبان ومن طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أن يحرم ما أحل الله له وهذا يعارضه الخبر الثابت عن ابن عباس كما تقدم في موضعه انه تجب فيه كفارة يمين وقيل هو أن يدعو على نفسه ان فعل كذا ثم يفعله وهذا هو يمين المعصية وسيأتي البحث فيه بعد ثلاثة أبواب قال ابن العربي القول بأن لغو اليمين هو المعصية باطل لان الحالف على ترك المعصية تنعقد يمينه عبادة والحالف على فعل المعصية تنعقد يمينه ويقال له لا تفعل وكفر عن يمينك فان خالف وأقدم على الفعل أثم وبر في يمينه (قلت) الذي قال ذلك قال إنها في الثانية لا تنعقد أصلا فلذلك قال إنها لغو قال ابن العربي ومن قال إنها يمين الغضب يرده ما ثبت في الأحاديث يعني مما ذكر في الباب وغيرها ومن قال دعاء الانسان على نفسه ان فعل كذا أو لم يفعل فاللغو انما هو في طريق الكفارة وهي تنعقد وقد يؤاخذ بها لثبوت النهي عن دعاء الانسان على نفسه ومن قال إنها اليمين التي تكفر فلا يتعلق به فان الله رفع المؤاخذة عن اللغو مطلقا فلا اثم فيه ولا كفارة فكيف يفسر اللغو بما فيه الكفارة وثبوت الكفارة يقتضي وجود المؤاخذة حتى أن من وجب عليه الكفارة فخالف عوقب (قوله يحيى) هو القطان قال ابن عبد البر تفرد يحيى القطان عن هشام بذكر السبب في نزول الآية (قلت) قد صرح بعضهم برفعه عن عائشة أخرجه أبو داود من رواية إبراهيم الصائغ عن عطاء عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لغو اليمين هو كلام الرجل في بيته كلا
(٤٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 ... » »»
الفهرست