لكن بينهما فرق وهو ان حلف النبي صلى الله عليه وسلم وافق أن لا شئ عنده مما حلف عليه بخلاف حلف أبي بكر فإنه حلف وهو قادر على فعل ما حلف على تركه قال ابن المنير لم يذكر البخاري في الباب ما يناسب ترجمة اليمين على المعصية الا ان يريد بيمين أبي بكر على قطيعة مسطح وليست بقطيعة بل هي عقوبة له على ما ارتكب من المعصية بالقذف ولكن يمكن أن يكون أبو بكر حلف على خلاف الأولى فإذا نهى عن ذلك حتى أحنث نفسه وفعل ما حلف على تركه فمن حلف على فعل المعصية يكون أولى قال وكذلك قوله فأرى خيرا منها يقتضى ان الحنث لفعل ما هو الأولى يقتضي الحنث لترك ما هو معصية بطريق الأولى قال ولهذا يقضى بحنث من حلف على معصية من قبل أن يفعلها انتهى والقضاء المذكور عند المالكية كما سيأتي بسطه في باب النذر في المعصية قال ابن بطال في حديث أبي موسى الرد على من قال إن يمين الغضبان لغو (قوله باب إذا قال والله لا أتكلم اليوم فصلى أو قرأ أو سبح إلى أن قال فهو على نيته) أي ان أراد إدخال القراءة والذكر حنث إذا قرأ أو ذكر وان أراد ان لا يدخلهما لم يحنث ولم يتعرض لما إذا أطلق والجمهور على أنه لا يحنث وعن الحنفية يحنث وفرق بعض الشافعية بين القرآن فلا يحنث به ويحنث بالذكر وحجة الجمهور ان الكلام في العرف ينصرف إلى كلام الآدميين وأنه لا يحنث بالقراءة والذكر داخل الصلاة فليكن كذلك خارجها ومن الحجة في ذلك الحديث الذي عند مسلم ان صلاتنا هذه لا يصلح فيها شئ من كلام الناس انما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن فحكم للذكر والقراءة بغير حكم كلام الناس وقال ابن المنير معنى قول البخاري هو على نيته أي العرفية قال ويحتمل أن يكون مراده انه لا يحنث بذلك الا ان نوى ادخاله في نيته فيؤخذ منه حكم الاطلاق قال ومن فروع المسئلة لو حلف لا كلمت زيدا ولا سلمت عليه فصلى خلفه فسلم الامام وسلم المأموم التسليمة التي يخرج بها من الصلاة فلا يحنث بها جزما بخلاف التسليمة التي يرد بها على الامام فلا يحنث أيضا لأنها ليست مما ينويه الناس عرفا وفيه الخلاف انتهى وهو على مذهبهم ويأتي نظيره عندنا في التسليمة الثانية إذا كان من حلف لا يكلمه عن يساره فلا يحنث الا ان قصد الرد عليه (قوله وقال النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الكلام أربع سبحان الله الخ) هذا من الأحاديث التي لم يصلها البخاري في موضع آخر وقد وصله النسائي من طريق ضرار بن مرة عن أبي صالح عن أبي سعيد وأبي هريرة مرفوعا بلفظه وأخرجه مسلم من حديث سمرة بن جندب لكن بلفظ أحب بدل أفضل وأخرجه ابن حبان من هذا الطريق بلفظ أفضل ولحديث أبي هريرة طريق أخرى أخرجها النسائي وصححها ابن حبان من طريق أبي حمزة السكري عن الأعمش عن أبي صالح عنه بلفظ خير الكلام أربع لا يضرك بأيهن بدأت فذكره وأخرجه أحمد عن وكيع عن الأعمش فأبهم الصحابي وأخرجه النسائي من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن السلولي عن كعب الأحبار من قوله وقد بينت معاني هذه الألفاظ الأربعة في باب فضل التسبيح من كتاب الدعوات (قوله وقال أبو سفيان كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) هذا طرف ذكره بالمعنى من الحديث الطويل وقد شرحته بطوله في أول الصحيح وفي تفسير آل عمران والغرض منه ومن جميع ما ذكر في الباب ان ذكر الله من جملة الكلام وإطلاق كلمة على مثل سبحان الله وبحمده من اطلاق البعض على الكل
(٤٩٢)