فيحرقه فيحتاج إلى الاستيثاق من ذلك فإذا استوثق بحيث يؤمن معه الاحراق فيزول الحكم بزوال علته (قلت) وقد صرح النووي بذلك في القنديل مثلا لأنه يؤمن معه الضرر الذي لا يؤمن مثله في السراج وقال ابن دقيق العيد أيضا هذه الأوامر لم يحملها الأكثر على الوجوب ويلزم أهل الظاهر حملها عليه قال وهذا لا يختص بالظاهري بل الحمل على الظاهر الا لمعارض ظاهر يقول به أهل القياس وإن كان أهل الظاهر أولى بالالتزام به لكونهم لا يلتفتون إلى المفهومات والمناسبات وهذه الأوامر تتنوع بحسب مقاصدها فمنها ما يحمل على الندب وهو التسمية على كل حال ومنها ما يحمل على الندب والارشاد معا كاغلاق الأبواب من أجل التعليل بأن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا لان الاحتراز من مخالطة الشيطان مندوب إليه وإن كان تحته مصالح دنيوية كالحراسة وكذا ايكاء السقاء وتخمير الاناء والله أعلم (قوله باب غلق الأبواب بالليل) في رواية الأصيلي والجرجاني وكذا لكريمة عن الكشميهني اغلاق وهو الفصيح وقال عياض هو الصواب (قلت) لكن الأول ثبت في لغة نادرة (قوله همام) هو ابن يحيى وعطاء هو ابن أبي رباح (قوله أطفئوا المصابيح بالليل) تقدم شرحه في الذي قبله (قوله وأغلقوا الأبواب) في رواية المستملي والسرخسي وغلقوا بتشديد اللام وتقدم في الباب الذي قبله بلفظ أجيفوا بالجيم والفاء وهي بمعنى أغلقوا وتقدم شرحها في باب ذكر الجن وكذا بقية الحديث قال ابن دقيق العيد في الامر بإغلاق الأبواب من المصالح الدينية والدنيوية حراسة الأنفس والأموال من أهل العبث والفساد ولا سيما الشياطين وأما قوله فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا فإشارة إلى أن الامر بالاغلاق لمصلحة ابعاد الشيطان عن الاختلاط بالانسان وخصه بالتعليل تنبيها على ما يخفى مما لا يطلع عليه الا من جانب النبوة قال واللام في الشيطان للجنس إذ ليس المراد فردا بعينه وقوله في هذه الرواية وخمروا الطعام والشراب قال همام وأحسبه قال ولو بعود يعرضه وهو بضم الراء بعدها ضاد معجمة وقد تقدم الجزم بذلك عن عطاء في رواية ابن جريج في الباب المذكور ولفظه وخمر إناءك ولو بعود تعرضه عليه وزاد في كل من الأوامر المذكورة واذكر اسم الله تعالى وتقدم في باب شرب اللبن من كتاب الأشربة بيان الحكمة في ذلك وقد حمله ابن بطال على عمومه وأشار إلى استشكاله فقال أخبر صلى الله عليه وسلم أن الشيطان لم يعط قوة على شئ من ذلك وإن كان أعطى ما هو أعظم منه وهو ولوجه في الأماكن التي لا يقدر الآدمي أن يلج فيها (قلت) والزيادة التي أشرت إليها قبل ترفع الاشكال وهو أن ذكر اسم الله يحول بينه وبين فعل هذه الأشياء ومقتضاه أنه يتمكن من كذلك إذا لم يذكر اسم الله ويؤيده ما أخرجه مسلم والأربعة عن جابر رفعه إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان أدركتم وقد تردد ابن دقيق العيد في ذلك فقال في شرح الالمام يحتمل أن يؤخذ قوله فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا على عمومه ويحتمل أن يخص بما ذكر اسم الله عليه ويحتمل أن يكون المنع لأمر يتعلق بجسمه ويحتمل أن يكون لمانع من الله بأمر خارج عن جسمه قال والحديث يدل على منع دخول الشيطان الخارج فأما الشيطان الذي كان داخلا فلا يدل الخبر على خروجه قال فيكون ذلك لتخفيف المفسدة لا رفعها ويحتمل أن تكون التسمية عند الاغلاق تقتضي طرد من في البيت من
(٧٣)