منصرفة لله تعالى في الحقيقة وإذا نسبت لغيره فبطريق المجاز وقال المهلب انما أراد البخاري ان قوله ما شاء الله ثم شئت جائز مستدلا بقوله أنا بالله ثم بك وقد جاء هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم وانما جاز بدخول ثم لان مشيئة الله سابقة على مشيئة خلقه ولما لم يكن الحديث المذكور على شرطه استنبط من الحديث الصحيح الذي على شرطه ما يوافقه وأخرج عبد الرزاق عن إبراهيم النخعي انه كان لا يرى بأسا أن يقول ما شاء الله ثم شئت وكان يكره أعوذ بالله وبك ويجيز أعوذ بالله ثم بك وهو مطابق لحديث ابن عباس وغيره مما أشرت إليه (تنبيه) مناسبة إدخال هذه الترجمة في كتاب الايمان من جهة ذكر الحلف في بعض طرق حديث ابن عباس كما ذكرت ومن جهة انه قد يتخيل جواز اليمين بالله ثم بغيره على وزان ما وقع في قوله أنا بالله ثم بك فأشار إلى أن النهي ثبت عن التشريك وورد بصورة الترتيب على لسان الملك وذلك فيما عدا الايمان أما اليمين بغير ذلك فثبت النهي عنها صريحا فلا يلحق بها ما ورد في غيرها والله أعلم (قوله باب قول الله تعالى وأقسموا بالله جهد ايمانهم) قال الراغب وغيره القسم بفتحتين الحلف وأصله من القسامة وهي الايمان التي على أولياء المقتول ثم استعمل في كل حلف قال الراغب ومعنى جهد ايمانهم انهم اجتهدوا في حلفهم فأتوا به على أبلغ ما في وسعهم انتهى وهذا يدفع ما فهمه المهلب فيما حكاه ابن بطال عنه من هذه الآية انها تدل على أن الحلف بالله أكبر الايمان لان الجهد أكبر المشقة ففهم من قول جهد ايمانهم ان اليمين بالله غاية الجهد والذي قاله الراغب أظهر وقد قال أهل اللغة ان القسامة مأخوذة من القسمة لان الايمان تقسم على أولياء القتيل وسيأتي مزيد لذلك في موضعه إن شاء الله تعالى (قوله وقال ابن عباس قال أبو بكر فوالله يا رسول الله لتحدثني بالذي أخطأت في الرؤيا قال لا تقسم) هذا طرف مختصر من الحديث الطويل الآتي في كتاب التعبير من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس ان رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اني رأيت الليلة في المنام ظلة تنطف من السمن والعسل الحديث وفيه تعبير أبي بكر لها وقوله للنبي صلى الله عليه وسلم فأخبرني يا رسول الله أصبت أم أخطأت قال أصبت بعضا أو أخطأت بعضا قال فوالله الخ فقوله هنا في الرؤيا من كلام المصنف إشارة إلى ما اختصره من الحديث وتقديره في قصة الرؤيا التي رآها الرجل وقصها على النبي صلى الله عليه وسلم فعبرها أبو بكر الخ وسيأتي شرحه هناك والغرض منه هنا قوله لا تقسم موضع قوله لا تحلف فأشار إلى الرد على من قال إن من قال أقسمت انعقدت يمينا ولأنه لو قال بدل أقسمت حلفت لم تنعقد اتفاقا الا ان نوى اليمين أو قصد الاخبار بأنه سبق منه حلف وأيضا فقد أمر صلى الله عليه وسلم بابرار القسم فلو كان أقسمت يمينا لابر أبا بكر حين قالها ومن ثم أورد حديث البراء عقبه ولهذا أورد حديث حارثة آخر الباب لو أقسم على الله لابره إشارة إلى أنها لو كانت يمينا لكان أبو بكر أحق بأن يبر قسمه لأنه رأس أهل الجنة من هذه الأمة وأما حديث أسامة في قصة بنت النبي صلى الله عليه وسلم فالظاهر أنها أقسمت حقيقة فقد تقدم في الجنائز بلفظ تقسم عليه ليأتينها والله أعلم قال ابن المنذر اختلف فيمن قال أقسمت بالله أو أقسمت مجردة فقال قوم هي يمين وان لم يقصد وممن روى ذلك عنه ابن عمر و ابن عباس وبه قال النخعي والثوري والكوفيون وقال الأكثر لا تكون يمينا الا أن ينوي وقال مالك أقسمت بالله يمين وأقسمت مجردة لا تكون
(٤٧١)