له فيها قال وفيه أيضا احتراز عن مواجهتهم بذلك (قلت) والرواية بلفظ وأنتم ثابتة تدفع هذا ووقع في رواية مسلم وأنتم تفلتون بفتح أوله والفاء واللام الثقيلة وأصله تتفلتون وبضم أوله وسكون الفاء وفتح اللام ضبطوه بالوجهين وكلاهما صحيح تقول تفلت مني وأفلت مني لمن كان بيدك فعالج الهرب منك حتى هرب وقد تقدم بيان هذا التمثيل وحاصله أنه شبه تهافت أصحاب الشهوات في المعاصي التي تكون سببا في الوقوع في النهار بتهافت الفراش بالوقوع في النار اتباعا لشهواتها وشبه ذبه العصاة عن المعاصي بما حذرهم به وأنذرهم بذب صاحب النار الفراش عنها وقال عياض شبه تساقط أهل المعاصي في نار الآخرة بتساقط الفراش في نار الدنيا (قوله تقحمون فيها) في رواية همام عند مسلم فيغلبوني النون مثقلة لان أصله فيغلبونني والفاء سببية والتقدير أنا آخذ بحجزكم لأخلصكم من النار فجعلتم الغلبة مسببة عن الاخذ (قوله تقحمون) بفتح المثناة والقاف والمهملة المشددة والأصل تقتحمون فحذفت إحدى التائين قال الطيبي تحقيق التشبيه الواقع في هذا الحديث يتوقف على معرفة معنى قوله ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون وذلك أن حدود الله محارمه ونواهيه كما في الحديث الصحيح ألا ان حمى الله محارمه ورأس المحارم حب الدنيا وزينتها واستيفاء لذتها وشهواتها فشبه صلى الله عليه وسلم إظهار تلك الحدود ببياناته الشافية الكافية من الكتاب والسنة باستنقاذ الرجال من النار وشبه فشو ذلك في مشارق الأرض ومغاربها بإضاءة تلك النار ما حول المستوقد وشبه الناس وعدم مبالاتهم بذلك البيان والكشف وتعديهم حدود الله وحرصهم على استيفاء تلك اللذات والشهوات ومنعه إياهم عن ذلك بأخذ حجزهم بالفراش التي تقتحمن في النار وتغلبن المستوقد على دفعهن عن الاقتحام كما أن المستوقد كان غرضه من فعله انتفاع الخلق به من الاستضاءة والاستدفاء وغير ذلك والفراش لجهلها جعلته سببا لهلاكها فكذلك كان القصد بتلك البيانات اهتداء الأمة واجتنابها ما هو سبب هلاكهم وهم مع ذلك لجهلهم جعلوها مقتضية لترديهم وفي قوله آخذ بحجزكم استعارة مثل حالة منعه الأمة عن الهلاك بحالة رجل أخذ بحجزة صاحبه الذي يكاد يهوي في مهواة مهلكة * الحديث الثالث (قوله زكريا) هو ابن أبي زائدة وعامر هو الشعبي (قوله المسلم) تقدم شرحه في أوائل كتاب الايمان (قوله والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه) قيل خص المهاجر بالذكر تطييبا لقلب من لم يهاجر من المسلمين لفوات ذلك بفتح مكة فأعلمهم أن من هجر ما نهى الله عنه كان هو المهاجر الكامل ويحتمل أن يكون ذلك تنبيها للمهاجرين أن لا يتكلموا على الهجرة فيقصروا في العمل وهذا الحديث من جوامع الكلم التي أوتيها صلى الله عليه وسلم والله أعلم (قوله باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو تعملون ما أعلم الخ) ذكر فيه حديث أبي هريرة بلفظ الترجمة وقوله عن سعيد بن المسيب في رواية حجاج بن محمد عن الليث بسنده أخبرني سعيد وحديث أنس كذلك وهو طرف من حديث تقدم في تفسير المائدة ويأتي شرحه في كتاب الاعتصام إن شاء الله تعالى والمراد بالعلم هنا ما يتعلق بعظمة الله وانتقامه ممن يعصيه والأهوال التي تقع عند النزع والموت وفي القبر ويوم القيامة ومناسبة كثرة البكاء وقلة الضحك في هذا المقام واضحة والمراد به التخويف وقد جاء لهذا الحديث سبب أخرجه سنيد في تفسيره بسند واه والطبراني عن ابن عمر خرج رسول الله صلى الله
(٢٧٣)