سورة نحو براءة 1 فغبت وحفظت منها ولو أن لابن آدم واديين من مال التمني واديا ثالثا الحديث ومن حديث جابر كنا نقرأ لو أن لابن آدم ملء واد مالا لأحب إليه مثله الحديث (قوله باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ان هذا المال خضرة حلوة) تقدم شرحه قريبا في باب ما يحذر من زهرة الدنيا في شرح حديث أبي سعيد الخدري (قوله وقوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين الآية) كذا لأبي ذر ولأبي زيد المروزي حب الشهوات الآية وللإسماعيلي مثل أبي ذر وزاد إلى قوله ذلك متاع الحياة الدنيا وساق ذلك في رواية كريمة وقوله زين قيل الحكمة في ترك الافصاح بالذي زين أن يتناول اللفظ جميع من تصح نسبة التزيين إليه وإن كان العلم أحاط بأنه سبحانه وتعالى هو الفاعل بالحقيقة فهو الذي أوجد الدنيا وما فيها وهيأها للانتفاع وجعل القلوب مائلة إليها والى ذلك الإشارة بالتزيين ليدخل فيه حديث النفس ووسوسة الشيطان ونسبة ذلك إلى الله تعالى باعتبار الخلق والتقدير والتهيئة ونسبة ذلك للشيطان باعتبار ما أقدره الله عليه من التسلط على الآدمي بالوسوسة الناشئ عنها حديث النفس وقال ابن التين بدأ في الآية بالنساء لأنهن أشد الأشياء فتنة للرجال ومنه حديث ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء قال ومعنى تزيينها اعجاب الرجل بها وطواعيته لها والقناطير جمع قنطار واختلف في تقديره فقبل سبعون ألف دينار وقيل سبعة آلاف دينار وقيل مائة وعشرون رطلا وقيل مائة رطل وقيل ألف مثقال وقيل ألف ومائتا أوقية وقيل معناه الشئ الكثير مأخوذ من عقد الشئ واحكامه وقال ابن عطية القول الأخير قيل هذا أصح الأقوال لكن يختلف القنطار في البلاد باختلافها في قدر الوقية (قوله وقال عمر اللهم انا لا نستطيع الا ان نفرح بما زينته لنا اللهم إني أسألك أن أنفقه في حقه) سقط هذا التعليق في رواية أبي زيد المروزي وفي هذا الأثر إشارة إلى أن فاعل التزيين المذكور في الآية هو الله وان تزيين ذلك بمعنى تحسينه في قلوب بني آدم وأنهم جبلوا على ذلك لكن منهم من استمر على ما طبع عليه من ذلك وانهمك فيه وهو المذموم ومنهم من راعى فيه الأمر والنهي ووقف عندما حد له من ذلك وذلك بمجاهدة نفسه بتوفيق الله تعالى له فهذا لم يتناوله الذم ومنهم من ارتقى عن ذلك فزهد فيه بعد أن قدر عليه وأعرض عنه مع اقباله عليه وتمكنه منه فهذا هو المقام المحمود والى ذلك الإشارة بقول عمر اللهم إني أسألك أن أنفقه في حقه وأثره هذا وصله الدارقطني في غرائب مالك من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن مالك عن يحيى بن سعيد هو الأنصاري أن عمر بن الخطاب أتى بمال من المشرق يقال له نفل كسرى فأمر به فصب وغطى ثم دعا الناس فاجتمعوا ثم أمر به فكشف عنه فإذا حلى كثير وجوهر ومتاع فبكى عمر وحمد الله عز وجل فقالوا له ما يبكيك يا أمير المؤمنين هذه غنائم غنمها الله لنا ونزعها من أهلها فقال ما فتح من هذا على قوم الا سفكوا دماءهم واستحلوا حرمتهم قال فحدثني زيد بن أسلم أنه بقى من ذلك المال مناطق وخواتم فرفع فقال له عبد الله بن أرقم حتى متى تحبسه لا تقسمه قال بلى إذا رأيتني فارغا فآذني به فلما رآه فارغا بسط شيئا في حش نخلة ثم جابه في مكتل فصبه فكأنه استكثره ثم قال اللهم أنت قلت زين للناس حب الشهوات فتلا الآية حتى فرغ منها ثم قال لا نستطيع الا أن نحب ما زينت لنا فقني شره وارزقني أن أنفقه في حقك فما قام حتى ما بقي منه شئ وأخرجه أيضا من طريق عبد العزيز بن يحيى المدني عن
(٢٢٠)