يسمى كسبا وبسط أدلتهم يطول وقد أخرج أحمد وأبو يعلى من طريق أيوب بن زياد عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت حدثني أبي قال دخلت على عبادة وهو مريض فقلت أوصني فقال إنك لن تطعم طعم الايمان ولن تبلغ حقيقة العلم بالله حتى تؤمن بالقدر خيره وشره وهو أن تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك الحديث وفيه وان مت ولست على ذلك دخلت النار وأخرجه الطبراني من وجه آخر بسند حسن عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء مرفوعا مقتصرا على قوله إن العبد لا يبلغ حقيقة الايمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه وسيأتي الالمام بشئ منه في كتاب التوحيد في الكلام على خلق أفعال العباد إن شاء الله تعالى وفي الحديث ان الاقدار غالبة والعاقبة غائبة فلا ينبغي لاحد ان يغتر بظاهر الحال ومن ثم شرع الدعاء بالثبات على الدين وبحسن الخاتمة وسيأتي في حديث علي الآتي بعد بابين سؤال الصحابة عن فائدة العمل مع تقدم التقدير والجواب عنه اعملوا فكل ميسر لما خلق له وظاهره قد يعارض حديث ابن مسعود المذكور في هذا الباب والجمع بينهما حمل حديث علي على الأكثر الأغلب وحمل حديث الباب على الأقل ولكنه لما كان جائزا تعين طلب الثبات وحكى ابن التين ان عمر بن عبد العزيز لما سمع هذا الحديث أنكره وقال كيف يصح أن يعمل العبد عمره الطاعة ثم لا يدخل الجنة انتهى وتوقف شيخنا ابن الملقن في صحة ذلك عن عمر وظهر لي أنه ان ثبت عنه حمل على أن راويه حذف منه قوله في آخره فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها أو أكمل الراوي لكن استبعد عمر وقوعه وإن كان جائزا ويكون إيراده على سبيل التخويف من سوء الخاتمة * الحديث الثاني حديث أنس (قوله حماد) هو ابن زيد وعبيد الله بن أبي بكر أي ابن أنس بن مالك (قوله وكل الله بالرحم ملكا فيقول أي رب نطفة أي رب علقة الخ) أي يقول كل كلمة من ذلك في الوقت الذي تصير فيه كذلك كما تقدم بيانه في الحديث الذي قبله وقد مضى شرحه مستوفي فيه وتقدم شئ منه في كتاب الحيض ويجوز في قوله نطفة النصب على إضمار فعل والرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف وفائدة ذلك أنه يستفهم هل يتكون منها أولا وقوله أن يقضي خلقها أي يأذن فيه (قوله باب بالتنوين (جف القلم) أي فرغت الكتابة إشارة إن أن الذي كتب في اللوح المحفوظ لا يتغير حكمه فهو كناية عن الفراغ من الكتابة لان الصحيفة حال كتابتها تكون رطبة أو بعضها وكذلك القلم فإذا انتهت الكتابة جفت الكتابة والقلم وقال الطيبي هو من إطلاق اللازم على الملزوم لان الفراغ من الكتابة يستلزم جفاف القلم عن مداده (قلت) وفيه إشارة إلى أن كتابة ذلك انقضت من أمد بعيد وقال عياض معنى جف القلم أي لم يكتب بعد ذلك شيئا وكتاب الله ولوحه وقلمه من غيبه ومن علمه الذي يلزمنا الايمان به ولا يلزمنا معرفة صفته وانما خوطبنا بما عهدنا فيما فرغنا من كتابته أن القلم يصير جافا للاستغناء عنه (قوله على علم الله) أي على حكمه لان معلومه لا بد أن يقع فعلمه بمعلوم يستلزم الحكم بوقوعه وهذا لفظ حديث أخرجه أحمد وصححه ابن حبان من طريق عبد الله بن الديلمي عن عبد الله بن عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره فمن أصابه من نوره يومئذ اهتدى ومن أخطأه ضل فلذلك أقول جف القلم على علم الله وأخرجه أحمد وابن حبان من طريق أخرى عن أبي الديلمي نحوه
(٤٣٠)