وفيه انهم سألوا عن السبب في مشي المذكورين فقال يلقى الله الآفة على الظهر حتى لا يبقى ذات ظهر حتى أن الرجل ليعطى الحديقة المعجبة بالشارف ذات القتب أي يشتري الناقة المسن لأجل كونها تحمله على القتب بالبستان الكريم لهوان العقار الذي عزم على الرحيل عنه وعزة الظهر الذي يوصله إلى مقصوده وهذا لائق بأحوال الدنيا ومؤكد لما ذهب إليه الخطابي ويتنزل على وفق حديث الباب يعني من المصابيح وهو ان قوله فوج طاعمين كاسين راكبين موافق لقوله راغبين راهبين وقوله وفوج يمشون موافق للصنف الذين يتعاقبون على البعير فإن صفة المشي لازمة لهم وأما الصنف الذين تحشرهم النار فهم الذين تسحبهم الملائكة والجواب عن الاعتراض الثالث أنه تبين من شواهد الحديث أنه ليس المراد بالنار نار الآخرة وانما هي نار تخرج في الدنيا أنذر النبي صلى الله عليه وسلم بخروجها وذكر كيفية ما تفعل في الأحاديث المذكورة والجواب عن الاعتراض الرابع أن حديث أبي هريرة من رواية علي بن زيد مع ضعفه لا يخالف حديث الباب لأنه موافق لحديث أبي ذر في لفظه وقد تبين من حديث أبي ذر ما دل على أنه في الدنيا لا بعد البعث في الحشر إلى الموقف إذ لا حديقة هناك ولا آفة تلقى على الظهر حتى يعز ويقل ووقع في حديث علي بن زيد المذكور عند أحمد أنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك وقد سبق ان أرض الموقف أرض مستوية لا عوج فيها ولا أكمة ولا حدب ولا شوك وأشار الطيبي إلى أن الأولى أن يحمل الحديث الذي من رواية علي بن زيد على من يحشر من الموقف إلى مكان الاستقرار من الجنة أو النار ويكون المراد بالركبان السابقين المتقين وهم المراد بقوله تعالى يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا أي ركبانا كما تقدم في تفسير سورة مريم وأخرج الطبري عن علي في تفسير هذه الآية فقال أما والله ما يحشر الوفد على أرجلهم ولا يساقون سوقا ولكن يؤتون بنوق لم تر الخلائق مثلها عليها رحال الذهب وأزمتها الزبرجد فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة والمراد سوق ركائبهم اسراعا بهم إلى دار الكرامة كما يفعل في العادة بمن يشرف ويكرم من الوافدين على الملوك قال ويستبعد أن يقال يجئ وفد الله عشر على بعير جميعا أو متعاقبين وعلى هذا فقد روى أبو هريرة حال المحشورين عند انقراض الدنيا إلى جهة أرض المحشر وهم ثلاثة أصناف وحال المحشورين في الأخرى إلى محل الاستقرار انتهى كلام الطيبي عن جواب المعترض ملخصا موضحا بزيادات فيه لكن تقدم مما قررته أن حديث أبي هريرة من رواية علي بن زيد ليس في المحشورين من الموقف إلى محل الاستقرار ثم ختم كلامه بأن قال هذا ما سنح لي على سبيل الاجتهاد ثم رأيت في صحيح البخاري في باب المحشر يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق فعلمت من ذلك ان الذي ذهب إليه الامام التوربشتي هو الحق الذي لا محيد عنه (قلت) ولم أقف في شئ من طرق الحديث الذي أخرجه البخاري على لفظ يوم القيامة لافي صحيحه ولا في غيره وكذا هو عند مسلم والإسماعيلي وغيرهما ليس فيه يوم القيامة نعم ثبت لفظ يوم القيامة في حديث أبي ذر المنبه عليه قبل وهو مؤول بأن المراد بذلك ان يوم القيامة يعقب ذلك فيكون من مجاز المجاورة ويتعين ذلك لما وقع فيه أن الظهر يقل لما يلقى عليه من الآفة وان الرجل يشتري الشارف الواحد بالحديقة المعجبة فإن ذلك ظاهر جدا في أنه من أحوال الدنيا لا بعد المبعث وقد أبدى البيهقي في حديث الباب احتمالين فقال قوله راغبين يحتمل أن يكون إشارة إلى الأبرار وقوله
(٣٢٩)