في بعض طرقه فانطلق ليحلف وقد عهد في عهده صلى الله عليه وسلم الحلف عند منبره وبذلك احتج الخطابي فقال كانت المحاكمة والنبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فانطلق المطلوب ليحلف فلم يكن انطلاقه الا إلى المنبر لأنه كان في المسجد فلا بد أن يكون انطلاقه إلى موضع أخص منه وفيه ان الحالف يحلف قائما لقوله فلما قام ليحلف وفيه نظر لان المراد بقوله قام ما تقدم من قوله انطلق ليحلف واستدل به للشافعي ان من أسلم وبيده مال لغيره انه يرجع إلى مالكه إذا أثبته وعن المالكية اختصاصه بما إذا كان المال لكفار وأما إذا كان لمسلم وأسلم عليه الذي هو بيده فإنه يقر بيده والحديث حجة عليهم وقال ابن المنير في الحاشية يستفاد منه ان الآية المذكورة في هذا الحديث نزلت في نقض العهد وان اليمين الغموس لا كفارة فيها لان نقض العهد لا كفارة فيه كذا قال وغايته انها دلالة اقتران وقال النووي يدخل في قوله من اقتطع حق امرئ مسلم من حلف على غير مال كجلد الميتة والسرجين وغيرهما مما ينتفع به وكذا سائر الحقوق كنصيب الزوجة بالقسم وأما التقييد بالمسلم فلا يدل على عدم تحريم حق الذمي بل هو حرام أيضا لكن لا يلزم أن يكون فيه هذه العقوبة العظيمة وهو تأويل حسن لكن ليس في الحديث المذكور دلالة على تحريم حق الذمي بل ثبت بدليل آخر والحاصل ان المسلم والذمي لا يفترق الحكم في الامر فيهما في اليمين الغموس والوعيد عليها وفي أخذ حقهما باطلا وانما يفترق قدر العقوبة بالنسبة إليهما قال وفيه غلظ تحريم حقوق المسلمين وأنه لا فرق بين قليل الحق وكثيره في ذلك وكأن مراده عدم الفرق في غلظ التحريم لا في مراتب الغلظ وقد صرح ابن عبد السلام في القواعد بالفرق بين القليل والكثير وكذا بين ما يترتب عليه كثير المفسدة وحقيرها وقد ورد الوعيد في الحالف الكاذب في حق الغير مطلقا في حديث أبي ذر ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم الحديث وفيه والمنفق سلعته بالحلف الكاذب أخرجه مسلم وله شاهد عند أحمد وأبي داود والترمذي من حديث أبي هريرة بلفظ ورجل حلف على سلعته بعد العصر كاذبا (قوله باب اليمين فيما لا يملك وفي المعصية والغضب) ذكر فيه ثلاثة أحاديث يؤخذ منها حكم ما في الترجمة على الترتيب وقد تؤخذ الأحكام الثلاثة من كل منها ولو بضرب من التأويل وقد ورد في الأمور الثلاثة على غير شرط حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا لا نذر ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم أخرجه أبو داود والنسائي ورواته لا بأس بهم لكن اختلف في سنده على عمرو وفي بعض طرقه عند أبي داود ولا في معصية وللطبراني في الأوسط عن ابن عباس رفعه لا يمين في غضب الحديث وسنده ضعيف * الحديث الأول حديث أبي موسى في قصة طلبهم الحملان في غزوة تبوك اقتصر منه على بعضه (1) وفيه فقال لا أحملكم وقد ساقه تاما في غزوة تبوك بالسند المذكور هنا وفيه فقال والله لا أحملكم وهو الموافق للترجمة وأشار بقوله فيما لا يملك إلى ما وقع في بعض طرقه كما سيأتي في باب الكفارة قبل الحنث فقال والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم وقد أحلت بشرح الحديث على الباب المذكور قال ابن المنير فهم ابن بطال عن البخاري انه نحا بهذه الترجمة لجهة تعليق الطلاق قبل ملك العصمة أو الحرية قبل ملك الرقبة فنقل الاختلاف في ذلك وبسط القول فيه والحجج والذي يظهر أن البخاري قصد غير هذا وهو ان النبي صلى الله عليه وسلم حلف أن لا يحملهم فلما حملهم راجعوه في يمينه فقال ما أنا حملتكم ولكن الله حملكم فبين ان
(٤٩٠)