في الآخرة ثواب بحسن عملها أو رحمة مبتدأة من الله وأما ملابس الدنيا فلا تغني عنها شيئا قاله الحليمي وذهب الغزالي إلى ظاهر حديث أبي سعيد وأورده بزيادة لم أجد لها أصلا وهي فإن أمتي تحشر في أكفانها وسائر الأمم عراة قال القرطبي ان ثبت حمل على الشهداء من أمته حتى لا تتناقض الاخبار (قوله غرلا) بضم المعجمة وسكون الراء جمع أغرل وهو الأقلف وزنه ومعناه وهو من بقيت غرلته وهي الجلدة التي يقطعها الخاتن من الذكر قال أبو هلال العسكري لا تلتقي اللام مع الراء في كلمة الا في أربع أرل اسم جبل وورل اسم حيوان معروف وحرل ضرب من الحجارة والغرلة واستدرك عليه كلمتان هرل ولد الزوجة وبرل الديك الذي يستدير بعنقه والستة حوشية الا الغرلة قال ابن عبد البر يحشر الآدمي عاريا ولكل من الأعضاء ما كان له يوم ولد فمن قطع منه شئ يرد حتى الأقلف وقال أبو الوفاء بن عقيل حشفة الأقلف موقاة بالقلفة فتكون أرق فلما أزالوا تلك القطعة في الدنيا أعادها الله تعالى ليذيقها من حلاوة فضله (قوله كما بدأنا أول خلق نعيده الآية) ساق ابن المثنى الآية كلها إلى قوله فاعلين ومثله كما بدأكم تعودون ومنه ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة ووقع في حديث أم سلمة عند ابن أبي الدنيا يحشر الناس حفاة عراة كما بدؤا (قوله وان أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم الخليل) تقدم بعض الكلام عليه في أحاديث الأنبياء قال القرطبي في شرح مسلم يجوز أن يراد بالخلائق من عدا نبينا صلى الله عليه وسلم فلم يدخل هو في عموم خطاب نفسه وتعقبه تلميذه القرطبي أيضا في التذكرة فقال هذا حسن لولا ما جاء من حديث علي يعني الذي أخرجه ابن المبارك في الزهد من طريق عبد الله بن الحارث عن علي قال أول من يكسى يوم القيامة خليل الله عليه السلام قبطيتين ثم يكسى محمد صلى الله عليه وسلم حلة حبرة عن يمين العرش (قلت) كذا أورده مختصرا موقوفا وأخرجه أبو يعلى مطولا مرفوعا وأخرج البيهقي من طريق ابن عباس نحو حديث الباب وزاد وأول من يكسى من الجنة إبراهيم يكسى حلة من الجنة ويؤتى بكرسي فيطرح عن يمين العرش ثم يؤتي بي فاكسي حلة من الجنة لا يقوم لها البشر ثم يؤتى بكرسي فيطرح على ساق العرش وهو عن يمين العرش وفي مرسل عبيد بن عمير عند جعفر الفريابي يحشر الناس حفاة عراة فيقول الله تعالى ألا أرى خليلي عريانا فيكسى إبراهيم ثوبا أبيض فهو أول من يكسى قيل الحكمة في كون إبراهيم أول من يكسى انه جرد حين ألقي في النار وقيل لأنه أول من استن التستر بالسراويل وقيل إنه لم يكن في الأرض أخوف لله منه فعجلت له الكسوة أمانا له ليطمئن قلبه وهذا اختيار الحليمي والأول اختيار القرطبي (قلت) وقد أخرج ابن منده من حديث حيدة بفتح المهملة وسكون التحتانية رفعه قال أول من يكسى إبراهيم يقول الله اكسوا خليلي ليعلم الناس اليوم فضله عليهم (قلت) وقد تقدم شئ من هذا في ترجمة إبراهيم من بدء الخلق وأنه لا يلزم من تخصيص إبراهيم عليه السلام بأنه أول من يكسى أن يكون أفضل من نبينا عليه الصلاة والسلام مطلقا وقد ظهر لي الان انه يحتمل أن يكون نبينا عليه الصلاة والسلام خرج من قبره في ثيابه التي مات فيها والحلة التي يكساها حينئذ من حلل الجنة خلعة الكرامة بقرينة إجلاسه على الكرسي عند ساق العرش فتكون أولية إبراهيم في الكسوة بالنسبة لبقية الخلق
(٣٣٢)