ويحتمل أن يكون عمر لشدته في أمر الله حمل النهي على ظاهره من منع القول السئ له ولم ير ذلك مانعا من إقامة ما وجب عليه من العقوبة للذنب الذي ارتكبه فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه صادق في اعتذاره وان الله عفا عنه (قوله باب كيف يكتب إلى أهل الكتاب) ذكر فيه طرفا من حديث أبي سفيان في قصة هرقل وهو واضح فيما ترجم له قال ابن بطال فيه جواز كتابة بسم الله الرحمن الرحيم إلى أهل الكتاب وتقديم اسم الكاتب على المكتوب إليه قال وفيه حجة لمن أجاز مكاتبة أهل الكتاب بالسلام عند الحاجة (قلت) في جواز السلام على الاطلاق نظر والذي يدل عليه الحديث السلام المقيد مثل ما في الخبر السلام على من اتبع الهدى أو السلام على من تمسك بالحق أو نحو ذلك وقد تقدم نقل الخلاف في ذلك في أوائل كتاب الاستئذان (قوله باب بمن يبدأ في الكتاب) أي بنفسه أو بالمكتوب إليه ذكر فيه طرفا من حديث الرجل من بني إسرائيل الذي اقترض ألف دينار وكأنه لما لم يجد فيه حديثا على شرطه مرفوعا اقتصر على هذا وهو على قاعدته في الاحتجاج بشرع من قبلنا إذا وردت حكايته في شرعنا ولم ينكر ولا سيما إذا سيق مساق المدح لفاعله والحجة فيه كون الذي عليه الدين كتب في الصحيفة من فلان إلى فلان وكان يمكنه أن يحتج بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل المشار إليه قريبا لكن قد يكون تركه لان بداءة الكبير بنفسه إلى الصغير والعظيم إلى الحقير هو الأصل وإنما يقع التردد فيما هو بالعكس أو المساوى وقد أورد في الأدب المفرد من طريق خارجة ابن زيد بن ثابت عن كبراء آل زيد بن ثابت هذه الرسالة لعبد الله معاوية أمير المؤمنين لزيد بن ثابت سلام عليك وأورد عن ابن عمر نحو ذلك وعند أبي داود من طريق ابن سيرين عن أبي العلاء بن الحضرمي عن العلاء أنه كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبدأ بنفسه وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن أيوب قرأت كتابا من العلاء بن الحضرمي إلى محمد رسول الله وعن نافع كان ابن عمر يأمر غلمانه إذا كتبوا إليه أن يبدؤا بأنفسهم وعن نافع كان عمال عمر إذا كتبوا إليه بدوا بأنفسهم قال المهلب السنة أن يبدأ الكاتب بنفسه وعن معمر عن أيوب أنه كان ربما بدأ باسم الرجل قبله إذا كتب إليه وسئل مالك عنه فقال لا بأس به وقال هو كما لو أوسع له في المجلس فقيل له إن أهل العراق يقولون لا تبدأ بأحد قبلك ولو كان أباك أو أمك أو أكبر منك فعاب ذلك عليهم (قلت) والمنقول عن ابن عمر كان في أغلب أحواله وإلا فقد أخرج البخاري في الأدب المفرد بسند صحيح عن نافع كانت لابن عمر حاجة إلى معاوية فأراد أن يبدأ بنفسه فلم يزالوا به حتى كتب بسم الله الرحمن الرحيم إلى معاوية وفي رواية زيادة أما بعد بعد البسملة وأخرج فيه أيضا من رواية عبد الله بن دينار أن عبد الله بن عمر كتب إلى عبد الملك يبايعه بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الملك أمير المؤمنين من عبد الله بن عمر سلام عليك الخ وقد ذكر في كتاب الاعتصام طرفا منه ويأتي التنبيه عليه هناك إن شاء الله تعالى (قوله وقال الليث) تقدم في الكفالة بيان من وصله (قوله أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل أخذ خشبة) كذا أورده مختصرا وأورده في الكفالة وغيرها مطولا (قوله وقال عمر بن أبي سلمة) أي ابن عبد الرحمن بن عوف وعمر هذا مدني قدم واسط وهو صدوق فيه ضعف وليس له عند البخاري سوى هذا الموضع المعلق وقد وصله البخاري في الأدب المفرد قال حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة
(٤٠)