المستكره منه وقال الداودي الاستكثار منه (قوله لا يفعلون الا ذلك) أي ترك السجع ووقع عند الإسماعيلي عن القاسم بن زكريا عن يحيى بن محمد شيخ البخاري بسنده فيه لا يفعلون ذلك بإسقاط الا وهو واضح وكذا أخرجه البزار في مسنده عن يحيى والطبراني عن البزار ولا يرد على ذلك ما وقع في الأحاديث الصحيحة لان ذلك كان يصدر من غير قصد إليه ولأجل هذا يجئ في غاية الانسجام كقوله صلى الله عليه وسلم في الجهاد اللهم منزل الكتاب سريع الحساب هازم الأحزاب وكقوله صلى الله عليه وسلم صدق وعده وأعز جنده الحديث وكقوله أعوذ بك من عين لا تدمع ونفس لا تشبع وقلب لا يخشع وكلها صحيحة قال الغزالي المكروه من السجع هو المتكلف لأنه لا يلائم الضراعة والذلة والا ففي الأدعية المأثورة كلمات متوازية لكنها غير متكلفة قال الأزهري وانما كرهه صلى الله عليه وسلم لمشاكلته كلام الكهنة كما في قصة المرأة من هذيل وقال أبو زيد وغيره أصل السجع القصد المستوي سواء كان في الكلام أم غيره (قوله باب ليعزم المسئلة فإنه لا مكره له) المراد بالمسئلة الدعاء والضميران لله تعالى أو الأول ضمير الشأن والثاني لله تعالى جزما ومكره بضم أوله وكسر ثالثه (قوله حدثنا إسماعيل) هو المعروف بابن علية وعبد العزيز هو ابن صهيب ونسب في رواية أبي زيد المروزي وغيره (قوله فليعزم المسئلة في رواية أحمد عن إسماعيل المذكور الدعاء ومعنى الامر بالعزم الجد فيه وان يجزم بوقوع مطلوبه ولا يعلق ذلك بمشيئة الله تعالى وإن كان مأمورا في جميع ما يريد فعله أن يعلقه بمشيئة الله تعالى وقيل معنى العزم أن يحسن الظن بالله في الإجابة (قوله ولا يقولن اللهم ان شئت فاعطني) في حديث أبي هريرة المذكور بعده اللهم اغفر لي ان شئت اللهم ارحمني ان شئت وزاد في رواية همام عن أبي هريرة الآتية في التوحيد اللهم ارزقني ان شئت وهذه كلها أمثلة ورواية العلاء عن أبيه عن أبي هريرة عند مسلم تتناول جميع ما يدعى به ولمسلم من طريق عطاء بن ميناء عن أبي هريرة ليعزم في الدعاء وله من رواية العلاء ليعزم وليعظم الرغبة ومعنى قوله ليعظم الرغبة أي يبالغ في ذلك بتكرار الدعاء والالحاح فيه ويحتمل أن يراد به الامر بطلب الشئ العظيم الكثير ويؤيده ما في آخر هذه الرواية فإن الله لا يتعاظمه شئ (قوله فإنه لا مستكره له) في حديث أبي هريرة فإنه لا مكره له وهما بمعنى والمراد ان الذي يحتاج إلى التعليق بالمشيئة ما إذا كان المطلوب منه يتأتى اكراهه على الشئ فيخفف الامر عليه ويعلم بأنه لا يطلب منه ذلك الشئ الا برضاه وأما الله سبحانه فهو منزه عن ذلك فليس للتعليق فائدة وقيل المعنى ان فيه صورة الاستغناء عن المطلوب والمطلوب منه والأول أولى وقد وقع في رواية عطاء بن ميناء فان الله صانع ما شاء وفي رواية العلاء فان الله لا يتعاظمه شئ أعطاه قال ابن عبد البر لا يجوز لاحد أن يقول اللهم اعطني ان شئت وغير ذلك من أمور الدين والدنيا لأنه كلام مستحيل لا وجه له لأنه لا يفعل الا ما شاءه وظاهره انه حمل النهي على التحريم وهو الظاهر وحمل النووي النهي في ذلك على كراهة التنزيه وهو أولى ويؤيده ما سيأتي في حديث الاستخارة وقال ابن بطال في الحديث انه ينبغي للداعي أن يجتهد في الدعاء ويكون على رجاء الإجابة ولا يقنط من الرحمة فإنه يدعو كريما وقد قال ابن عيينة لا يمنعن أحدا الدعاء ما يعلم في نفسه يعني من التقصير فان الله قد أجاب دعاء شر خلقه وهو إبليس حين قال رب انظرني إلى يوم يبعثون وقال الداودي معنى قوله ليعزم المسئلة
(١١٨)