الدنيا وهي اللعب وسائر ما ذكر والثاني صفة الآخرة وهي عذاب شديد لمن عصى ومغفرة ورضوان لمن أطاع وأما قوله وما الحياة الدنيا الخ فهو تأكيد لما سبق أي تغر من ركن إليها وأما التقى فهي له بلاغ إلى الآخرة ولما أورد الغزالي حديث المستورد في الاحياء عقبة بأن قال ما ملخصه اعلم أن مثل أهل الدنيا في غفلتهم كمثل قوم ركبوا سفينة فانتهوا إلى جزيرة معشبة فخرجوا لقضاء الحاجة فحذرهم الملاح من التأخر فيها وأمرهم أن يقيموا بقدر حاجتهم وحذرهم أن يقلع بالسفينة ويتركهم فبادر بعضهم فرجع سريعا فصادف أحسن الأمكنة وأوسعها فاستقر فيه وانقسم الباقون فرقا الأولى استغرقت في النظر إلى أزهارها المونقة وأنهارها المطردة وثمارها الطيبة وجواهرها ومعادنها ثم استيقظ فبادر إلى السفينة فلقي مكانا دون الأول فنجا في الجملة الثانية كالأولى لكنها أكبت على تلك الجواهر والثمار والأزهار ولم تسمح نفسه لتركها فحمل منها ما قدر عليه فتشاغل بجمعه وحمله فوصل إلى السفينة فوجد مكانا أضيق من الأول ولم تسمح نفسه برمي ما استصحبه فصار مثقلا به ثم لم يلبث ان ذبلت الأزهار ويبست الثمار وهاجت الرياح فلم يجد بدا من القاء ما استصحبه حتى نجا بحشاشة نفسه الثالثة تولجت في الغياض وغفلت عن وصية الملاح ثم سمعوا نداءه بالرحيل فمرت فوجدت السفينة سارت فبقيت بما استصحبت في البر حتى هلكت والرابعة اشتدت بها الغفلة عن سماع النداء وسارت السفينة فتقسموا فرقا منهم من افترسته السباع ومنهم من تاه على وجهه حتى هلك ومنهم من مات جوعا ومنهم من نهشته الحيات قال فهذا مثل أهل الدنيا في اشتغالهم بحظوظهم العاجلة وغفلتهم عن عاقبة أمرهم ثم ختم بأن قال وما أقبح من يزعم أنه بصير عاقل أن يغتر بالأحجار من الذهب والفضة والهشيم من الأزهار والثمار وهو لا يصحبه شئ من ذلك بعد الموت والله المستعان (قوله باب قول النبي صلى الله عليه وسلم كن في الدنيا كأنك غريب) هكذا ترجم ببعض الخبر إشارة إلى ثبوت رفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأن من رواه موقوفا قصر فيه (قوله عن الأعمش حدثني مجاهد) أنكر العقيلي هذه اللفظة وهي حدثني مجاهد وقال انما رواه الأعمش بصيغة عن مجاهد كذلك رواه أصحاب الأعمش عنه وكذا أصحاب الطفاوي عنه وتفرد ابن المديني بالتصريح قال ولم يسمعه الأعمش من مجاهد وانما سمعه من ليث بن أبي سليم عنه فدلسه وأخرجه ابن حبان في صحيحه من طريق الحسن بن قزعة حدثنا محمد ابن عبد الرحمن الطفاوي عن الأعمس عن مجاهد بالعنعنة وقال قال الحسن بن قزعة ما سألني يحيى بن معين الا عن هذا الحديث وأخرجه ابن حبان في روضة العقلاء من طريق محمد بن أبي بكر المقدمي عن الطفاوي بالعنعنة أيضا وقال مكثت مدة أظن أن الأعمش دلسه عن مجاهد وانما سمعه من ليث حتى رأيت علي بن المديني رواه عن الطفاوي فصرح بالتحديث يشير إلى رواية البخاري التي في الباب (قلت) وقد أخرجه أحمد والترمذي من رواية سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد وأخرجه ابن عدي في الكامل من طريق حماد بن شعيب عن أبي يحيى القتات عن مجاهد وليث وأبو يحيى ضعيفان والعمدة على طريق الأعمش وللحديث طريق أخرى أخرجه النسائي من رواية عبدة بن أبي لبابة عن ابن عمر مرفوعا وهذا مما يقوى الحديث المذكور لان رواته من رجال الصحيح وإن كان اختلف في سماع عبدة من ابن عمر (قوله
(١٩٩)