من لم يعرف احتمل أن يظهر أنه من معارفه فقد يوقعه في الاستيحاش منه قال وهذا العموم مخصوص بالمسلم فلا يبتدئ السلام على كافر (قلت) قد تمسك به من أجاز ابتداء الكافر بالسلام ولا حجة فيه لان الأصل مشروعية السلام للمسلم فيحمل قوله من عرفت عليه وأما من لم تعرف فلا دلالة فيه بل إن عرف أنه مسلم فذاك وإلا فلو سلم احتياطا لم يمتنع حتى يعرف أنه كافر وقال ابن بطال في مشروعية السلام على غير المعرفة استفتاح للمخاطبة للتأنيس ليكون المؤمنون كلهم اخوة فلا يستوحش أحد من أحد وفي التخصيص ما قد يوقع في الاستيحاش ويشبه صدود المتهاجرين المنهى عنه وأورد الطحاوي في المشكل حديث أبي ذر في قصة إسلامه وفيه فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد صلى هو وصاحبه فكنت أول من حياه بتحية الاسلام قال الطحاوي وهذا لا ينافي حديث ابن مسعود في ذم السلام للمعرفة لاحتمال أن يكون أبو ذر سلم على أبي بكر قبل ذلك أو لان حاجته كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم دون أبي بكر (قلت) والاحتمال الثاني لا يكفي في تخصيص السلام وأقرب منه أن يكون ذلك قبل تقرير الشرع بتعميم السلام وقد ساق مسلم قصة إسلام أبي ذر بطولها ولفظه وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استلم الحجر وطاف بالبيت هو وصاحبه ثم صلى فلما قضى صلاته قال أبو ذر فكنت أول من حياه بتحية السلام فقال وعليك ورحمة الله الحديث وفي لفظ قال وصلى ركعتين خلف المقام فأتيته فاني لأول الناس حياه بتحية الاسلام فقال وعليك السلام من أنت وعلى هذا فيحتمل أن يكون أبو بكر توجه بعد الطواف إلى منزله ودخل النبي صلى الله عليه وسلم منزله فدخل عليه أبو ذر وهو وحده ويؤيده ما أخرجه مسلم وقد تقدم للبخاري أيضا في المبعث من وجه آخر عن أبي ذر في قصة إسلامه أنه قام يلتمس النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرفه ويكره أن يسأل عنه فرآه علي فعرفه أنه غريب فاستتبعه حتى دخل به على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم * الحديث الثاني حديث أبي أيوب لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه الحديث تقدم شرحه في كتاب الأدب مستوفى وهو متعلق بالركن الأول من الترجمة (قوله باب آية الحجاب) أي الآية التي نزلت في أمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالاحتجاب من الرجال وقد ذكر فيه حديث أنس من وجهين عنه وتقدم شرحه مستوفى في سورة الأحزاب وقوله في آخره فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي الآية كذا اتفق عليه الرواة عن معتمر بن سليمان وخالفهم عمرو بن علي الفلاس عن معتمر فقال فأنزلت لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا أخرجه الإسماعيلي وأشار إلى شذوذه فقال جاء بآية غير الآية التي ذكرها الجماعة (قوله في أول الطريق الأول عن ابن شهاب أخبرني أنس بن مالك أنه قال كان) قال الكرماني فيه التفات أو تجريد وقوله خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرا حياته أي بقية حياته إلى أن مات وقوله وكنت أعلم الناس بشأن الحجاب أي بسبب نزوله وإطلاق مثل ذلك جائز للاعلام لا للاعجاب وقوله وقد كان أبي بن كعب يسألني عنه فيه إشارة إلى اختصاصه بمعرفته لان أبي بن كعب أكبر منه علما وسنا وقدرا وقوله في الطريق الأخرى معتمر هو ابن سليمان التيمي وقوله قال أبي بفتح الهمزة وكسر الموحدة مخففا والقائل هو معتمر ووقع في الرواية المتقدمة في سورة الأحزاب سمعت أبي (قوله حدثنا أبو مجلز عن أنس) قد تقدم في باب الحمد للعاطس لسليمان التيمي حديث عن أنس بلا واسطة وقد سمع
(١٩)