البعران ويحتمل أن يراد به التعاقب قال الخطابي وإنما سكت عن الواحد إشارة إلى أنه يكون لمن فوقهم في المرتبة كالأنبياء ليقع الامتياز بين النبي ومن دونه من السابقين في المراكب كما وقع في المراتب انتهى ملخصا وتعقبه الطيبي ورجح ما ذهب إليه الخطابي وأجاب عن الأول بأن الدليل ثابت فقد ورد في عدة أحاديث وقوع الحشر في الدنيا إلى جهة الشام وذكر حديث حذيفة بن أسيد الذي نبهت عليه قبل وحديث معاوية بن حيدة جد بهز بن حكيم رفعه انكم محشورون ونحا بيده نحو الشام رجالا وركبانا وتجرون على وجوهكم أخرجه الترمذي والنسائي وسنده قوي وحديث ستكون هجرة بعد هجرة وتنحاز الناس إلى مهاجر إبراهيم ولا يبقى في الأرض إلا شرارها تلفظهم أرضوهم وتحشرهم النار مع القردة والخنازير تبيت معهم إذا باتوا وتقيل معهم إذا قالوا أخرجه أحمد وسنده لا بأس به وأخرج عبد الرزاق عن النعمان بن المنذر عن وهب بن منبه قال قال الله تعالى لصخرة بيت المقدس لأضعن عليك عرشي ولأحشرن عليك خلقي وفي تفسير ابن عيينة عن ابن عباس من شك ان المحشر ههنا يعني الشام فليقرأ أول سورة الحشر قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ اخرجوا قالوا إلى أين قال إلى أرض المحشر وحديث ستخرج نار من حضرموت تحشر الناس قالوا فما تأمرنا يا رسول الله قال عليكم بالشام ثم حكى خلافا هل المراد بالنار نار على الحقيقة أو هو كناية عن الفتنة الشديدة كما يقال نار الحرب لشدة ما يقع في الحرب قال تعالى كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله وعلى كل حال فليس المراد بالنار في هذه الأحاديث نار الآخرة ولو أريد المعنى الذي زعمه المعترض لقيل تحشر بقيتهم إلى لنار وقد أضاف الحشر إلى النار لكونها هي التي تحشرهم وتختطف من تخلف منهم كما ورد في حديث أبي هريرة من رواية علي بن زيد عند أحمد وغيره وعلى تقدير أن تكون النار كناية عن الفتنة فنسبة الحشر إليها سببية كأنها تفشو في كل جهة وتكون في جهة الشام أخف منها في غيرها فكل من عرف ازديادها في الجهة التي هو فيها أحب التحول منها إلى المكان الذي ليست فيه شديدة فتتوفر الدواعي على الرحيل إلى الشام ولا يمتنع اجتماع الامرين وإطلاق النار على الحقيقة التي تخرج من قعر عدن وعلى المجازية وهي الفتنة إذ لا تنافي بينهما ويؤيد الحمل على الحقيقة ظاهر الحديث الأخير والجواب عن الاعتراض الثاني أن التقسيم المذكور في آيات سورة الواقعة لا يستلزم أن يكون هو التقسيم المذكور في الحديث فإن الذي في الحديث ورد على القصد من الخلاص من الفتنة فمن اغتنم الفرصة سار على فسحة من الظهر ويسرة في الزاد راغبا فيما يستقبله راهبا فيما يستدبره وهؤلاء هم الصنف الأول في الحديث ومن توانى حتى قل الظهر وضاق عن أن يسعهم لركوبهم اشتركوا وركبوا عقبة فيحصل اشتراك الاثنين في البعير الواحد وكذا الثلاثة ويمكنهم كل من الامرين وأما الأربعة في الواحد فالظاهر من حالهم التعاقب وقد يمكنهم إذا كانوا خفاقا أو أطفالا وأما العشرة فبالتعاقب وسكت عما فوقها إشارة إلى أنها المنتهى في ذلك وعما بينها وبين الأربعة ايجازا واختصارا وهؤلاء هم الصنف الثاني في الحديث وأما الصنف الثالث فعبر عنه بقوله تحشر بقيتهم النار إشارة إلى أنهم عجزوا عن تحصيل ما يركبونه ولم يقع في الحديث بيان حالهم بل يحتمل أنهم يمشون أو يسحبون فرارا من النار التي تحشرهم ويؤيد ذلك ما وقع في آخر حديث أبي ذر الذي تقدمت الإشارة إليه في كلام المعترض
(٣٢٨)