ورجال الاسناد كلهم كوفيون إلى عائشة ورواية أبي وائل عن مسروق من الاقران وقد ذكر أبو علي الجياني انه وقع في رواية أبي إسحاق المستملي عن الفربري في هذا الحديث منصور عن أبي وائل ومسروق عن عائشة بواو بدل عن قال والصواب الأول ولا يحفظ لأبي وائل عن عائشة رواية (قلت) أما كونه الصواب فصواب لاتفاق الرواة في البخاري على أنه من رواية أبي وائل عن مسروق وكذا أخرجه مسلم وغيره من رواية منصور وأما النفي فمردود فقد أخرج الترمذي من رواية أبي وائل عن عائشة حديثين أحدهما ما رأيت الوجع على أحد أشد منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجة من رواية أبي وائل عن مسروق عن عائشة والثاني إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها الحديث أخرجه أيضا من رواية عمرو بن مرة سمعت أبا وائل عن عائشة وهذا أخرجه الشيخان أيضا من رواية منصور والأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة وهذا جميع ما في الكتب الستة لأبي وائل عن عائشة وأخرج ابن حبان في صحيحه من رواية شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي وائل عن عائشة حديث ما من مسلم يشاك شوكة فما دونها الا رفعه الله بها درجة الحديث وفي بعض هذا ما يرد اطلاق أبي علي (قوله دخلت علي عجوزان من عجز يهود المدينة) عجز بضم العين المهملة والجيم بعدها زاي جمع عجوز مثل عمود وعمد ويجمع أيضا على عجائز وهذه رواية الإسماعيلي عن عمران بن موسى عن عثمان بن أبي شيبة شيخ البخاري فيه قال ابن السكيت ولا يقال عجوزة وقال غيره هي لغة رديئة وقوله ولم أنعم هو رباعي من أنعم والمراد انها لم تصدقهما أولا (قوله فقلت يا رسول الله ان عجوزين وذكرت له فقال صدقتا) قال الكرماني حذف خبر ان للعلم به والتقدير دخلتا (قلت) ظهر لي ان البخاري هو الذي اختصره فقد أخرجه الإسماعيلي عن عمران بن موسى عن عثمان بن أبي شيبة شيخ البخاري فيه فساقه ولفظه فقلت له يا رسول الله ان عجوزين من عجائز يهود المدينة دخلتا علي فزعمتا ان أهل القبور يعذبون في قبورهم فقال صدقتا وكذا أخرجه مسلم من وجه آخر عن جرير شيخ عثمان فيه فعلى هذا فيضبط وذكرت له بضم التاء وسكون الراء أي ذكرت له ما قالتا وقوله تسمعه البهائم تقدم شرحه مستوفى وبينت طريق الجمع بين جزمه صلى الله عليه وسلم هنا بتصديق اليهوديتين في اثبات عذاب القبر وقوله في الرواية عائذا بالله من ذلك وكلا الحديثين عن عائشة وحاصله انه لم يكن أوحى إليه ان المؤمنين يفتنون في القبور فقال انما يفتن يهود فجرى على ما كان عنده من علم ذلك ثم لما علم بأن ذلك يقع لغير اليهود استعاذ منه وعلمه وأمر بايقاعه في الصلاة ليكون أنجح في الإجابة والله أعلم (قوله باب التعوذ من فتنة المحيا) أي زمن الحياة (والممات) أي زمن الموت من أول النزع وهلم جرا ذكر فيه حديث أنس وفيه ذكر العجز والكسل والجبن وقد تقدم الكلام عليه في الجهاد والبخل وسيأتي بعد بابين والهرم والمراد به الزيادة في كبر السن وعذاب القبر وقد مضى في الجنائز وأما فتنة المحيا والممات فقال ابن بطال هذه كلمة جامعة لمعان كثيرة وينبغي للمرء أن يرغب إلى ربه في رفع ما نزل ودفع مالم ينزل ويستشعر الافتقار إلى ربه في جميع ذلك وكان صلى الله عليه وسلم يتعوذ من جميع ما ذكر دفعا عن أمته وتشريعا لهم ليبين لهم صفة المهم من الأدعية (قلت) وقد تقدم شرح المراد بفتنة المحيا وفتنة الممات في باب الدعاء قبل السلام في أواخر صفة الصلاة قبيل كتاب الجمعة
(١٥٠)