الله جائز عليه الفناء وان خلق فيه البقاء بعد ذلك كنعيم الجنة والله أعلم وقال ابن بطال هنا قوله ما خلا الله باطل لفظ عام أريد به الخصوص والمراد أن كل ما قرب من الله فليس بباطل وأما أمور الدنيا التي لا تؤل إلى طاعة الله فهي الباطل انتهى ولعل الأول أولى (تنبيه) مناسبة هذا الحديث الثاني للترجمة خفية وكأن الترجمة لما تضمنت ما في الحديث الأول من التحريض على الطاعة ولو قلت والزجر عن المعصية ولو قلت ففيهم أن من خالف ذلك انما يخالفه لرغبة في أمر من أمور الدنيا وكل ما في الدنيا باطل كما صرح به الحديث الثاني فلا ينبغي للعاقل أن يؤثر الفاني على الباقي (قوله باب لينظر إلى من هو أسفل منه ولا ينظر إلى من هو فوقه) هذا لفظ حديث أخرجه مسلم بنحوه من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم (قوله حدثنا إسماعيل) هو ابن أبي أويس (قوله عن أبي الزناد) في رواية ابن وهب عن مالك حدثني أبو الزناد أخرجه الدارقطني في الغرائب (قوله عن الأعرج) في رواية سعيد بن داود عن مالك حدثني أبو الزناد أن عبد الرحمن ابن هرمز أخبره أنه سمع أبا هريرة أخرجه الدارقطني أيضا وضاق مخرجه على أبي نعيم فأخرجه من طريق القاسم بن زكريا عن البخاري وأخرجه الإسماعيلي من طريق حميد بن قتيبة عن إسماعيل والدارقطني من وجهين عن إسماعيل (قوله إذا نظر أحدكم إلى من فضل) بالفاء والمعجمة على البناء للمجهول (قوله في المال والخلق) بفتح الخاء أي الصورة ويحتمل أن يدخل في ذلك الأولاد والاتباع وكل ما يتعلق بزينة الحياة الدنيا ورأيته في نسخة معتمدة من الغرائب للدارقطني والخلق بضم الخاء واللام (قوله فلينظر إلى من هو أسفل منه) في رواية عبد العزيز ابن يحيى عن مالك فلينظر إلى من تحته أخرجه الدارقطني أيضا ويجوز في أسفل الرفع والنصب والمراد بذلك ما يتعلق بالدنيا (قوله ممن فضل عليه) كذا ثبت في آخر هذا الحديث عند مسلم من طريق المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد وكذا ثبت لمالك الذي أخرجه البخاري من طريقه عند الدارقطني من رواية سعيد بن داود عنه بسند صحيح وزاد مسلم من طريق أبي صالح المذكورة فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم أي هو حقيق بعدم الازدراء وهو افتعال من زريت عليه وأزريت به إذا تنقصته وفي معناه ما أخرجه الحاكم من حديث عبد الله بن الشخير رفعه أقلوا الدخول على الأغنياء فإنه أحرى أن لا تزدروا نعمة الله قال ابن بطال هذا الحديث جامع لمعاني الخير لان المرء لا يكون بحال تتعلق بالدين من عبادة ربه مجتهدا فيها الا وجد من هو فوقه فمتى طلبت نفسه اللحاق به اقتصر حاله فيكون أبدا في زيادة تقربه من ربه ولا يكون على حال خسيسة من الدنيا الا وجد من أهلها من هو أخس حالا منه فإذا تفكر في ذلك علم أن نعمة الله وصلت إليه دون كثير ممن فضل عليه بذلك من غير أمر أوجبه فيلزم نفسه الشكر فيعظم اغتباطه بذلك في معاده وقال غيره في هذا الحديث دواء الداء لان الشخص إذا نظر إلى من هو فوقه لم يأمن أن يؤثر ذلك فيه حسدا ودواؤه أن ينظر إلى من هو أسفل منه ليكون ذلك داعيا إلى الشكر وقد وقع في نسخة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه قال خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكرا صابرا من نظر في دنياه إلى من هو دونه فحمد الله على ما فضله به عليه ومن نظر في دينه إلى من هو فوقه فاقتدى به وأما من نظر في دنياه إلى من هو فوقه فأسف على ما فاته فإنه
(٢٧٦)