الجسيم لمن قام بحق هذه الكلمات فاستحضر معانيها بقلبه وتأملها بفهمه ثم لما كان الذاكرون في إدراكاتهم وفهومهم مختلفين كان ثوابهم بحسب ذلك وعلى هذا ينزل اختلاف مقادير الثواب في الأحاديث فان في بعضها ثوابا معينا وتجد ذلك الذكر بعينه في رواية أخرى أكثر أو أقل كما اتفق في حديث أبي هريرة وأبي أيوب (قلت) إذا تعددت مخارج الحديث فلا بأس بهذا الجمع وإذا أتحدث فلا وقد يتعين الجمع الذي قدمته ويحتمل فيما إذا تعددت أيضا ان يختلف المقدار بالزمان كالتقييد بما بعد صلاة الصبح مثلا وعدم التقييد إن لم يحمل المطلق في ذلك على المقيد ويستفاد منه جواز استرقاق العرب خلافا لمن منع ذلك قال عياض ذكر هذا العدد من المائة دليل على انها غاية للثواب المذكور واما قوله الا أحد عمل أكثر من ذلك فيحتمل ان تراد الزيادة على هذا العدد فيكون لقائله من الفضل بحسابه لئلا يظن أنها من الحدود التي نهى عن اعتدائها وأنه لافضل في الزيادة عليها كما في ركعات السنن المحدودة وأعداد الطهارة ويحتمل أن تراد الزيادة من غير هذا الجنس من الذكر أو غيره الا أن يزيد أحد عملا آخر من الأعمال الصالحة وقال النووي يحتمل أن يكون المراد مطلق الزيادة سواء كانت من التهليل أو غيره وهو الاظهر يشير إلى أن ذلك يختص بالذكر ويؤيده ما تقدم أن عند النسائي من رواية عمرو بن شعيب الا من قال أفضل من ذلك قال وظاهر إطلاق الحديث أن الاجر يحصل لمن قال هذا التهليل في اليوم متواليا أو متفرقا في مجلس أو مجالس في أول النهار أو آخره لكن الأفضل أن يأتي به أول النهار متواليا ليكون له حرزا في جميع نهاره وكذا في أول الليل ليكون له حرزا في جميع ليله (تنبيه) أكمل ما ورد من ألفاظ هذا الذكر في حديث ابن عمر عن عمر رفعه من قال حسين يدخل السوق لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير الحديث أخرجه الترمذي وغيره وهذا لفظ جعفر في الذكر وفي سنده لين وقد ورد جميعه في حديث الباب على ما أوضحته مفرقا الا قوله وهو حي لا يموت (قوله باب فضل التسبيح) يعني قول سبحان الله ومعناه تنزيه الله عما لا يليق به من كل نقص فيلزم نفي الشريك والصاحبة والولد وجميع الرذائل ويطلق التسبيح ويراد به جميع ألفاظ الذكر ويطلق ويراد به صلاة النافلة وأما صلاة التسبيح فسميت بذلك لكثرة التسبيح فيها وسبحان اسم منصوب على أنه واقع موقع المصدر لفعل محذوف تقديره سبحت الله سبحانا كسبحت الله تسبيحا ولا يستعمل غالبا الا مضافا وهو مضاف إلى المفعول أي سبحت الله ويجوز أن يكون مضافا إلى الفاعل أي نزه الله نفسه والمشهور الأول وقد جاء غير مضاف في الشعر كقوله * سبحانه ثم سبحانا أنزهه (قوله من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) زاد في رواية سهيل بن أبي صالح عن سمي عن أبي صالح من قال حين يمسي وحين يصبح ويأتي في ذلك ما ذكره النووي من أن الأفضل أن يقول ذلك متواليا في أول النهار وفي أول الليل والمراد بقوله وإن كانت مثل زبد البحر الكناية عن المبالغة في الكثرة قال عياض قوله حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر مع قوله في التهليل محيت عنه مائة سيئة قد يشعر بأفضلية التسبيح على التهليل يعني لان عدد زبد البحر أضعاف أضعاف المائة لكن تقدم في التهليل ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به فيحتمل أن يجمع بينهما بأن يكون التهليل أفضل وانه بما زيد من رفع الدرجات
(١٧٣)