على ما فطر عليه عباده من الايمان به عند أخذ الميثاق ويراد به أيضا ما أمر به في الكتاب والسنة مؤكدا وما التزمه المرء من قبل نفسه كالنذر (قلت) وللعهد معان أخرى غير هذه كالامان والوفاء والوصية واليمين ورعاية الحرمة والمعرفة واللقاء عن قرب والزمان والذمة وبعضها قد يتداخل والله أعلم وقال ابن المنذر من حلف بالعهد فحنث لزمه الكفارة سواء نوى أم لا عند مالك والأوزاعي والكوفيين وبه قال الحسن والشعبي وطاوس وغيرهم (قلت) وبه قال أحمد وقال عطاء والشافعي وإسحاق وأبو عبيد لا تكون يمينا الا ان نوى وقد تقدم في كتاب أوائل الايمان النقل عن الشافعي فيمن قال أمانة الله مثله وأغرب امام الحرمين فادعى اتفاق العلماء على ذلك ولعله أراد من الشافعية ومع ذلك فالخلاف ثابت عندهم كما حكاه الماوردي وغيره عن أبي إسحاق المروزي واحتج للمذهب بأن عهد الله يستعمل في وصيته لعباده باتباع أوامره وغير ذلك كما ذكر فلا يحمل على اليمين الا بالقصد وقال الشافعي إذا قال علي عهد الله احتمل أن يريد معهوده وهو وصيته فيصير كقوله علي فرض الله أي مفروضه فلا يكون يمينا لان اليمين لا تنعقد بمحدث فان نوى بقوله عهد الله اليمين انعقدت وقال ابن المنذر قد قال الله تعالى ألم أعهد إليكم يا بني آدم ان لا تعبدوا الشيطان فمن قال علي عهد الله صدق لان الله أخبر انه أخذ علينا العهد فلا يكون ذلك يمينا الا ان نواه واحتج الأولون بأن العرف قد صار جاريا به فحمل على اليمين وقال ابن التين هذا لفظ يستعمل على خمسة أوجه الأول على عهد الله والثاني وعهد الله الثالث عهد الله الرابع أعاهد الله الخامس على العهد وقد طرد بعضهم ذلك في الجميع وفصل بعضهم فقال لا شئ في ذلك الا ان قال على عهد الله ونحوها والا فليست بيمين نوى أو لم ينو ثم ذكر حديث عبد الله وهو ابن مسعود والأشعث بن قيس في نزول قوله تعالى ان الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا وسليمان في السند هو الأعمش ومنصور هو ابن المعتمر وسيأتى شرحه مستوفي بعد خمسة أبواب والله أعلم (قوله باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلامه) كذا لأبي ذر ولغيره وكلماته وفي هذه الترجمة عطف العام على الخاص والخاص على العام لان الصفات أعم من العزة والكلام وقد تقدمت الإشارة إليه في آخر باب لا تحلفوا بآبائكم إلى أن الايمان تنقسم إلى صريح وكناية ومتردد بينهما وهو الصفات وانه اختلف هل يلتحق بالصريح فلا يحتاج إلى قصد أولا فيحتاج والراجح ان صفات الذات منها يلتحق بالصريح فلا تنفع معها التورية إذا تعلق به حق آدمي وصفات الفعل تلتحق بالكناية فعزة الله من صفات الذات وكذا جلاله وعظمته قال الشافعي فيما أخرجه البيهقي في المعرفة من قال وحق الله وعظمة الله وجلال الله وقدرة الله يريد اليمين أولا يريده فهي يمين انتهى وقال غيره والقدرة تحتمل صفة الذات فتكون اليمين صريحة وتحتمل إرادة المقدور فتكون كناية كقول من يتعجب من الشئ انظر إلى قدرة الله وكذا العلم كقوله اللهم اغفر لنا علمك فينا أي معلومك (قوله وقال ابن عباس كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول أعوذ بعزتك) هذا طرف من حديث وصله المؤلف في التوحيد من طريق يحيى بن يعمر عن ابن عباس وسيأتي شرحه هناك ووجه الاستدلال به على الحلف بعزة الله انه وإن كان بلفظ الدعاء لكنه لا يستعاذ الا بالله أو بصفة من صفات ذاته وخفي هذا علي ابن التين فقال ليس فيه جواز الحلف بالصفة كما بوب عليه ثم وجدت في حاشية ابن المنير ما نصه قوله أعوذ بعزتك دعاء وليس بقسم ولكنه لما كان
(٤٧٤)