عليه السلام من أحاديث الأنبياء وذكرت فيه ما نقل عن ابن حزم ان النفخ في الصور يقع أربع مرات وتعقب كلامه في ذلك ثم رأيت في كلام ابن العربي انها ثلاث نفخة الفزع كما في النمل ونفخة الصعق كما في الزمر ونفخة البعث وهي المذكورة في الزمر أيضا قال القرطبي والصحيح انهما نفختان فقط لثبوت الاستثناء بقوله تعالى الا من شاء الله في كل من الآيتين ولا يلزم من مغايرة الصعق للفزع ان لا يحصلا معا من النفخة الأولى ثم وجدت مستند ابن العربي في حديث الصور الطويل فقال فيه ثم ينفخ في الصور ثلاث نفخات نفخة الفزع ونفخة الصعق ونفخة القيام لرب العالمين أخرجه الطبري هكذا مختصرا وقد ذكرت أن سنده ضعيف ومضطرب وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو انهما نفختان ولفظه في أثناء حديث مرفوع ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد الا أصغي ليتا ورفع ليتا ثم يرسل الله مطرا كأنه الطل فتنبت منه أجساد الناس ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون وأخرج البيهقي بسند قوي عن ابن مسعود موقوفا ثم يقوم ملك الصور بين السماء والأرض فينفخ فيه والصور قرن فلا يبقى لله خلق في السماوات ولا في الأرض الا مات الا من شاء ربك ثم يكون بين النفختين ما شاء الله أن يكون وفي حديث أوس بن أوس الثقفي رفعه ان أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه الصعقة وفيه النفخة الحديث أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وقد تقدم في تفسير سورة الزمر من حديث أبي هريرة بين النفختين أربعون وفي كل ذلك دلالة على أنهما نفختان فقط وقد تقدم شرحه هناك وفيه شرح قول أبي هريرة لما قيل له أربعون سنة أبيت بالموحدة ومعناه امتنعت من تبيينه لأني لا أعلمه فلا أخوض فيه بالرأي وقال القرطبي في التذكرة يحتمل قوله امتنعت أن يكون عنده علم منه ولكنه لم يفسره لأنه لم تدع الحاجة إلى بيانه ويحتمل أن يريد امتنعت أن أسأل عن تفسيره فعلى الثاني لا يكون عنده علم منه قال وقد جاء أن بين النفختين أربعين عاما (قلت) وقع كذلك في طريق ضعيف عن أبي هريرة في تفسير ابن مردويه وأخرج ابن المبارك في الرقائق من مرسل الحسن بين النفختين أربعون سنة الأولى يميت الله بها كل حي والاخرى يحيى الله بها كل ميت ونحوه عند ابن مردويه من حديث ابن عباس وهو ضعيف أيضا وعنده أيضا ما يدل على أن أبا هريرة لم يكن عنده علم بالتعيين فاخرج عنه بسند جيد أنه لما قالوا أربعون ماذا قال هكذا سمعت وأخرج الطبري بسند صحيح عن قتادة فذكر حديث أبي هريرة منقطعا ثم قال قال أصحابه ما سألناه عن ذلك ولا زادنا عليه غير أنهم كانوا يرون من رأيهم أنها أربعون سنة وفي هذا تعقب على قول الحليمي اتفقت الروايات على أن بين النفختين أربعين سنة (قلت) وجاء فيما يصنع بالموتى بين النفختين ما وقع في حديث الصور الطويل أن جميع الاحياء إذا ماتوا بعد النفخة الأولى ولم يبق الا الله قال سبحانه أنا الجبار لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد فيقول لله الواحد القهار وأخرج النحاس من طريق أبي وائل عن عبد الله ان ذلك يقع بعد الحشر ورجحه ورجح القرطبي الأول ويمكن الجمع بأن ذلك يقع مرتين وهو أولى وأخرج البيهقي من طريق أبي الزعراء كنا عند عبد الله ابن مسعود فذكر الدجال إلى أن قال ثم يكون بين النفختين ما شاء الله أن يكون فليس في بني آدم خلق الا في الأرض منه شئ قال فيرسل الله ماء من تحت العرش فتنبت جسمانهم ولحمانهم من
(٣١٩)