غالبا وأما على رواية الحاء فلقلة اعتنائهم بالملابس (قوله متى الساعة) في رواية مسلم من طريق أبي أسامة عن هشام كان الاعراب إذا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه عن الساعة متى الساعة وكان ذلك لما طرق اسماعهم من تكرار اقترابها في القرآن فأرادوا أن يعرفوا تعيين وقتها (قوله فينظر إلى أصغرهم) في رواية مسلم فنظر إلى أحدث انسان منهم فقال ورواية عبدة ظاهرها تكرير ذلك ويؤيد سياق مسلم حديث أنس عنده ان رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم متى تقوم الساعة ولم أقف على اسم هذا بعينه لكنه يحتمل أن يفسر بذي الخويصرة اليماني الذي بال في المسجد وسأل متى تقوم الساعة وقال اللهم ارحمني ومحمدا ولكن جوابه عن السؤال عن الساعة مغاير لجواب هذا (قوله إن يعش هذا لا يدركه الهرم) في حديث أنس عند مسلم وعنده غلام من الأنصار يقال له محمد وله في رواية أخرى وعنده غلام من أزد شنوءة بفتح المعجمة وضم النون ومد وبعد الواو همزة ثم هاء تأنيث وفي أخرى له غلام للمغيرة بن شعبة وكان من أقراني ولا مغايرة بينهما وطريق الجمع انه كان من أزد شنوءة وكان حليفا للأنصار وكان يخدم المغيرة وقول أنس وكان من أقراني وفي رواية له من أترابي يريد في السن وكان سن أنس حينئذ نحو سبع عشرة سنة (قوله حتى تقوم عليكم ساعتكم قال هشام) هو ابن عروة راويه (يعني موتهم) وهو موصول بالسند المذكور وفي حديث أنس حتى تقوم الساعة قال عياض حديث عائشة هذا يفسر حديث أنس وان المراد ساعة المخاطبين وهو نظير قوله أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها الان أحد وقد تقدم بيانه في كتاب العلم وان المراد انقراض ذلك القرن وان من كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم إذا مضت مائة سنة من وقت تلك المقالة لا يبقى منهم أحد ووقع الامر كذلك فان آخر من بقي ممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم أبو الطفيل عامر بن واثلة كما جزم به مسلم وغيره وكانت وفاته سنة عشر ومائة من الهجرة وذلك عند رأس مائة سنة من وقت تلك المقالة وقيل كانت وفاته قبل ذلك فإن كان كذلك فيحتمل أن يكون تأخر بعده بعض من أدرك ذلك الزمان وان لم يثبت انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وبه احتج جماعة من المحققين على كذب من ادعى الصحبة أو الرؤية ممن تأخر عن ذلك الوقت وقال الراغب الساعة جزء من الزمان ويعبر بها عن القيامة تشبيها بذلك لسرعة الحساب قال الله تعالى وهو أسرع الحاسبين أو لما نبه عليه بقوله كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار وأطلقت الساعة على ثلاثة أشياء الساعة الكبرى وهي بعث الناس للمحاسبة والوسطى وهي موت أهل القرن الواحد نحو ما روى أنه رأى عبد الله بن أنيس فقال إن يطل عمر هذا الغلام لم يمت حتى تقوم الساعة فقيل إنه آخر من مات من الصحابة والصغرى موت الانسان فساعة كل انسان موته ومنه قوله صلى الله عليه وسلم عند هبوب الريح تخوفت الساعة يعني موته انتهى وما ذكره عن عبد الله بن أنيس لم أقف عليه ولا هو آخر من مات من الصحابة جزما قال الداودي هذا الجواب من معاريض الكلام فإنه لو قال لهم لا أدري ابتداء مع ما هم فيه من الجفاء وقبل تمكن الايمان في قلوبهم لارتابوا فعدل إلى اعلامهم بالوقت الذي ينقرضون هم فيه ولو كان تمكن الايمان في قلوبهم لأفصح لهم بالمراد وقال ابن الجوزي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم بأشياء على سبيل القياس وهو دليل معمول به فكأنه لما نزلت عليه الآيات في تقريب الساعة
(٣١٣)