لا تعارضه شبهة أنها لا تحتمل غير الشتم، فلما لم أجد لاجتهادي محملا غير ذلك حكمت بما تقتضيه، فإن كنت تعتقد أني أتسرع إلى مثل ذلك بغير نظر صحيح ولا إحالة فكر واجتهاد فهو اعتقاد باطل، وقد بحمدالله اطلعت على مناظرتي معك في هذه اللفظة، وأنك اجتهدت في أن تحملها على وجه غير ذلك فلم تقدر وكلما ذكرت محملا طعنت عليك فيه بأبين برهان وأظهر دليل ولكنك لاتنقاد إلى الحق.
فانقطع الهروي وقام السيد محسن من المجلس وأخذ بيدي وقال: قم، فقمت وكان قصد السيد فك المجلس خوفا علي لأنه كان مشحونا بكثير من أهل السنة، فخاف السيد من وقوع الفتنة فنهضنا من بين الجماعة، وتفرق المجلس بعد أن ظهر لجميع الحاضرين الغلب عليه، والحمد لله وحده.
المجلس الثالث:
كان يوم الجمعة: اتفق أنه جاء يوما آخر إلى المنزل لغرض كان له مع السيد وكان يوم جمعة، وكنت مع السيد محسن في المنزل ولم يكن معنا أحد، فخلوت معه فجلست.
وقال: إن هذا اليوم المجلس خال من الناس وأريد أن أبحث معك في هذه الخلوة. فقلت: تكلم بما تريد.
فقال: ابحث لي عن أحوال الخلفاء وما كانت صفتهم وما كانوا عليه من الطريقة وما تعتقده عنهم لأناظرك في ذلك.
فقلت: أما الخليفة الأول فقد ظهر لك من طريقته وصفته أنه توصل إلى التقدم على المسلمين وأخذ الخلافة من آل الرسول بالتسرع إلى ذلك والتوصل إليه بما عرفت من الخديعة والمكر والحيل والتغلب، وتحلى بحلية لم يحله الله فيها ولا رسوله ويكفيك في ذلك تركه النبي على حال مصيبة الموت ولم يحضره ولا اشتغل بتجهيزه، ولا عظمت عنده تلك المصيبة ولا جلت لديه تلك الرزية،