تعالى لهم، وأرغمهم فيه وحال بينهم وبينه، وجعله في السلاح والكراع، فإن كنت أيها الشريف تنشط للطعن على علي والعباس بخلافهما الشيخين بكراهتهما لامامتهما وتأخرهما عن بيعتهما، وترى من العقد فيهما ما سنه الشيخان من أمرهما في التأخير لهما عن شريف المنازل، والغض منهما، والحط من أقدارهما، فصر إلى ذلك، فإنه الضلال بغير شبهة، وإن كنت ترى ولايتهما، والتعظيم لهما، والاقتداء بهما، فاسلك سبيلهما، ولا تستوحش من تخطئة من خالفهما، وليس هاهنا منزلة ثالثة.
فقال العباسي عند سماع هذا الكلام: اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون (1). (751) الحارث بن معاوية وزياد بن لبيد (بعد أن بويع أبو بكر وسار عماله في البلاد ومنهم زياد بن لبيد وواجهوا مع مانعي الصدقات) رأى (زياد بن لبيد) من الرأي لا يعجل بالمسير إلى أبي بكر فوجه بما عنده من إبل الصدقة إلى المدينة مع ثقة، وأمره أن لا يخبر أبا بكر بشئ من أمره وأمر القوم.
قال: ثم إنه سار إلى حي من أحياء كندة يقال لهم: بنو ذهل بن معاوية فخبرهم بما كان من... إليه ودعاهم إلى السمع والطاعة (لأبي بكر وإعطاء الصدقة) فأقبل إليه رجل من سادات بني تميم يقال له: الحارث بن معاوية فقال لزياد: إنك لتدعو إلى طاعة رجل لم يعهد إلينا ولا إليكم فيه عهد.
فقال له زياد بن لبيد: يا هذا صدقت، فإنه لم يعهد إلينا ولا إليكم فيه عهد، ولكنا اخترناه لهذا الامر.