فقال: والله ما بيني وبين الحق عداوة، ما هذا إلا واضح لا شبهة فيه، وأنا أتوب إلى الله تعالى بما (1) كنت عليه من الاعتقاد.
فلما فرغ من شروط التوبة إذا رجل من ورائي قد أكب على يدي يقبلها ويبكي. فقلت: من أنت؟
فقال: ما عليك اسمي، فاجتهدت به حتى قلت له: فأنت الان صديق أو صاحب حق، فكيف يحسن لي أن لا أعرف صديقي وصاحب حق علي لاكافيه، فامتنع من تعريفي اسمه، فسألت الفقيه الذي من المستنصرية، فقال: هذا فلان بن فلان من فقهاء النظامية، سهوت عن اسمه الان (2).
(939) ابن طاووس والفاضل المتعلم وقد كان لنا صديق فاضل من المتعلمين بعلم الكلام - رحمه الله ورضي عنه - يحضر عندنا ونحدثه ونعرفه أن طرق المعرفة بالله جل جلاله بحسب معلوماته ومقدوراته على الأنام، ولا ينحصر عددها بالافهام.
فتعجب لأجل ما قد ألفه من أن معرفة الله جل جلاله لا طريق إليها إلا بنظر العبد.
فقلت له يوما: ما تقول في عيسى بن مريم عليه السلام لما قال في المهد:
(إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا) كانت معرفته بالله جل جلاله في مهده بنظره؟ فتحير وعجز عن الجواب.
وقلت له يوما: ما تقول في الناظر في معرفة الله جل جلاله، أما أن يكون في أول نظره شاكا في الله عز وجل؟ قال: بلى.